هل تلتزم اسبانيا الصمت في قضية اختطاف هشام عبود على أراضيها أم ستدين الجزائر ؟

هل تلتزم اسبانيا الصمت في قضية اختطاف هشام عبود على أراضيها أم ستدين الجزائر ؟

- ‎فيواجهة, دولي
هشام عبود
إكسبريس تيفي

تعيش إسبانيا اليوم على وقع قضية مثيرة للجدل بدأت تلقي بظلالها على علاقاتها مع الجزائر، وذلك بعد اختطاف المعارض الجزائري المقيم في فرنسا، هشام عبود، الذي تم العثور عليه في وضعية صحية متدهورة في إشبيلية جنوب إسبانيا. هذه القضية أخذت أبعادا دولية ليس فقط بسبب ظروفها المعقدة، بل لأن عبود وجه اتهامات خطيرة للسلطات الجزائرية، وبالتحديد إلى الجنرال الملقب بـ”ناصر الجن”، رئيس المخابرات الداخلية الجزائرية، بالوقوف وراء عملية اختطافه ومحاولة نقله إلى الجزائر عبر يخت، قبل أن تتدخل السلطات الإسبانية.

السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل ستلتزم إسبانيا الصمت إزاء هذا الحادث الذي يمس سيادتها وأمنها الداخلي، أم أنها ستتخذ موقفا حازما وتدين الجزائر بشكل صريح؟

إسبانيا تجد نفسها في موقف معقد للغاية، حيث تواجه خيارين صعبين. من جهة، هناك ضرورة الحفاظ على علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع الجزائر، التي تعد مزودا رئيسيا بالغاز لأوروبا في ظل الأزمة الطاقية العالمية. ومن جهة أخرى، لا يمكن لإسبانيا تجاهل هذا الاعتداء الصارخ على سيادتها، خاصة إذا تأكد تورط أجهزة المخابرات الجزائرية في عملية اختطاف مواطن على أراضيها. صمت إسبانيا في هذه القضية قد يفهم على أنه قبول ضمني بمثل هذه التصرفات، ما سيضر بسمعتها الدولية ويضعف موقفها السيادي.

إلى حدود الآن، لم تصدر الحكومة الإسبانية أي بيان رسمي يتهم الجزائر، وهو أمر يمكن تفسيره بالتردد في اتخاذ موقف من شأنه أن يعكر صفو العلاقات الثنائية. غير أن فتح تحقيق رسمي من قبل الحرس المدني الإسباني بعد العثور على عبود يبرز أن إسبانيا تدرك خطورة الوضع، وأنها تتابع القضية بجدية. التحقيقات الجارية قد تكشف عن تفاصيل جديدة تتعلق بتورط الجزائر، وهو ما قد يدفع إسبانيا إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة في المستقبل.

الخطير في هذه القضية هو أن بعض المراقبين يعتبرونها شبيهة بما حدث للصحفي السعودي جمال خاشقجي الذي قتل داخل قنصلية بلاده في إسطنبول. السيناريو كان يبدو معدا ليكون نسخة مشابهة على الأراضي الإسبانية، لولا تدخل السلطات الإسبانية في الوقت المناسب. هذا التشبيه يعيد إلى الأذهان التساؤلات حول مدى استعداد الدول الأوروبية لمواجهة الأنظمة التي تستخدم العنف والترهيب لإسكات معارضيها حتى خارج حدودها.

إسبانيا تجد نفسها أمام اختبار حقيقي. هل ستلتزم الصمت أمام عملية اختطاف عبود على أراضيها، أم أنها ستتخذ موقفا واضحا يدين هذه العملية وينتصر لقيم العدالة وسيادة القانون؟ الحسم في هذا الملف سيكون له تأثير على العلاقات بين مدريد والجزائر، كما أنه سيحدد مدى قدرة إسبانيا على فرض احترام سيادتها في مواجهة الدول التي تحاول استغلال أراضيها لتصفية حسابات سياسية.

إلى جانب ذلك، العدالة الإسبانية الآن أمام تحد كبير. يجب أن تكون التحقيقات شفافة وشاملة، وأن تأخذ بعين الاعتبار خطورة التهم الموجهة للسلطات الجزائرية. إن كان عبود قد تعرض بالفعل للاختطاف على يد أجهزة مخابراتية، فهذا يشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي ولسيادة إسبانيا. لذلك، ستكون السلطات القضائية الإسبانية مطالبة بالتحرك بحزم لضمان العدالة ومنع تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *