الجهوية المتقدمة في المغرب مسار ديمقراطي نحو الحكم الذاتي والتطوير المحلي

الجهوية المتقدمة في المغرب مسار ديمقراطي نحو الحكم الذاتي والتطوير المحلي

- ‎فيرأي, واجهة
43
0
الجهوية المتقدمة والحكم الذاتي
إكسبريس تيفي

شهدت الديمقراطية المحلية في المملكة المغربية تطورا مستمرا، حيث تبنى المغرب سياسة اللامركزية منذ الميثاق الجماعي في 23 يونيو 1960. ومع ذلك، بدأت المعالم الكبرى للجهوية تتبلور بشكل أكثر وضوحا منذ عام 1984، عندما أشار الملك الراحل الحسن الثاني في خطابه إلى إعجابه بنظام “اللاندر الألماني”. تطور هذا المفهوم تدريجيا ليصبح مؤسسة دستورية مع مراجعة دستور 1992، الذي وضع الجهة في نفس مستوى المؤسسات المحلية الأخرى مثل العمالات والأقاليم والجماعات الحضرية والقروية.

هذا التحول تعزز بشكل أكبر مع صدور القانون رقم 47/96، الذي وفر الإطار القانوني لتدبير الشؤون الجهوية من قبل مجلس جهوي منتخب، ليصبح الفضاء الجهوي مركزا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، استمرت هذه الدينامية من خلال خطاباته المتكررة التي تدعو إلى تعزيز هذا البناء المؤسساتي، مما أسس لمفهوم الجهوية المتقدمة كركيزة رئيسية في استراتيجية التنمية الوطنية والمحلية.

ومن خلال خطاب جلالته في 19 سبتمبر 2001، والرسالة الموجهة إلى الوزير الأول في 9 يناير 2002، وضعت الجهة في قلب استراتيجية التنمية، عبر إحداث المراكز الجهوية للاستثمار. كما أن الخطاب التاريخي لجلالته في 3 يناير 2010 كان إعلانا صريحا عن بداية تفعيل الجهوية المتقدمة، وربطها بالحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية للمملكة. هذا النهج جاء تتويجا لخطة جلالته التي مهد لها في خطابه في نوفمبر 2005، حيث أعلن عن التزامه بإيجاد حل سياسي تفاوضي للنزاع المفتعل حول الصحراء، يمنح الأقاليم الجنوبية حكما ذاتيا يتيح لسكانها تدبير شؤونهم الجهوية في إطار سيادة المملكة ووحدتها الوطنية والترابية.

وفي إطار هذا التوجه، حرص جلالته على قطع الصلة مع الممارسات السابقة التي كانت تعاني من العشوائية في تدبير القضية الوطنية، مؤكدا على ضرورة تحقيق حكامة ترابية رشيدة وفعالة، تقوم على الربط بين الحكم الذاتي والجهوية المتقدمة. هذه الرؤية الملكية جاءت بهدف تطوير منظومة الحكامة على المستوى الوطني، وتقليص هيمنة المركزية على الشؤون المحلية.

تجسد الجهوية المتقدمة رؤية ملكية تسعى إلى إيجاد نموذج مغربي خاص بالحكم الذاتي، يطبق في الأقاليم الجنوبية ضمن إطار السيادة الوطنية. هذا النموذج المغربي، الذي يعتمد على الأصالة والخصوصية الثقافية والاجتماعية، يأتي في سياق تفادي تقليد أو استنساخ تجارب الآخرين.

المبادرة المغربية للحكم الذاتي في الأقاليم الصحراوية، التي قدمت في عام 2007، تعبر بشكل واضح عن التزام المغرب بإيجاد حل سياسي سلمي متفاوض بشأنه للنزاع حول الصحراء. هذا الحل ينبثق من تجربة مغربية فريدة، حيث أن تفاصيل الحكم الذاتي ستكون موضوع نقاش وتفاوض بين الأطراف المعنية، وسيتم عرضها لاحقا على السكان المعنيين في استفتاء حر.

المغرب، في إطار هذا المخطط، تعهد بضمان مكانة الصحراويين سواء في الداخل أو الخارج، ومنحهم دورا كاملا في جميع مؤسسات الجهة وهيئاتها، بعيدا عن أي تمييز أو إقصاء.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *