افتتحت، يوم الثلاثاء بالرباط، أشغال ندوة علمية دولية حول “أثر علم الكلام في العلوم الإسلامية”،بمشاركة نخبة من العلماء والمفكرين والباحثين من داخل المغرب وخارجه.
ويناقش المشاركون في هذه الندوة، التي تنظمها دار الحديث الحسنية تحت إشراف جامعة القرويين، على مدى يومين، موضوع علم الكلام ووظائفه ومقاصده وآفاقه وأثره في العلوم الإسلامية وصلته بالعلوم الإنسانية وضرورته في الدفاع عن هوية الأمة في الحاضر والمستقبل، وذلك عبر ست جلسات علمية.
وفي كلمة افتتاحية بالمناسبة، قال وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، إن العلوم الإسلامية اليوم لابد أن تقابل في كل عصر بتجارب الأمم التي هي حصيلة ما يسمى بالعلوم الإنسانية، داعيا مؤسسة دار الحديث الحسنية إلى الاهتمام بالعلوم الإنسانية على اعتبار “أن قضايا الإيمان والإنسان والعقل تديرها علوم كثيرة من تجارب الإنسان، وعلم الكلام أحد جوانبها”.
وشدد، في هذا الصدد، على أهمية أن يكون لطلبة العلوم الشرعية “تكوين استثنائي” يجمع بين اشتغالهم بالعلوم الشرعية والعلوم الضرورية الأخرى.
من جهته، أبرز الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى، سعيد شبار، أن علم الكلام يضطلع بوظيفة الدفاع عن الأمة والملة بالأدلة والبراهين، والتحصين والتنوير حتى مع اختلاف المذاهب والآراء.
وأكد، في ذات السياق، على أن “الحاجة مازالت ملحة لمباحث هذا العلم، وذلك بغية تجديد الإيمان في النفوس ودفع الغلو والتشدد”.
وبدوره، شدد مدير مؤسسة دار الحديث الحسنية، عبد الحميد عشاق، على أهمية هذا اللقاء الذي التأم حول علم التوحيد باعتباره أسّ العلوم الإسلامية ورئيسها وهو عين موضوعات الكلام وقضاياه الكبرى، مضيفا أنه كلما كان البحث الكلامي محتكما ومعتنى به في الأوساط العلمية؛ إلا وقويت القرائح واستثيرت الملكات وارتقى النظر المعرفي.
ودعا، في هذا الإطار، إلى استثمار المبادئ العلمية لعلم الكلام ومنهجيتة من خلال التركيز على ثلاثة أمور، أولها توجيه النظر نحو الملل والنحل الجديدة التي تستهدف أصول العقيدة، وثانيها استثمار المعرفة الحديثة واستيعابها، لاسيما فلسفة العلوم وتاريخ العلوم وغيرها، وربط ذلك كله بعلم السلوك وفلسفة الأخلاق، وثالثها تدارس علم الكلام باعتباره حافظا لعقيدة أهل السنة وركن ركين لثقافة الأمة.
ومن جهته، ألقى نائب رئيس جامعة القرويين، إدريس الفاسي الفهري، الضوء على أهمية “علم الكلام” ودوره في إرساء التوابث بناء على مسار تاريخي من المناظرات والبحث التي أسفرت عن مسلمات شرعية في فروع الدين.
ولفت إلى أن علم “أصول الدين” “لا يكون فاعلا ما لم يتم تحديث معطياته، ولا ناجعا ما لم يتم تبسيطها”، داعيا إلى الانفتاح على وسائل التواصل الاجتماعي وعدم حصر هذه المعطيات في المجال الأكاديمي.
يشار إلى أن الأوراق العلمية لهذه الندوة، التي افتتحت جلساتها بمحاضرة افتتاحية لرئيس المجلس العلمي الجهوي لجهة الشرق، مصطفى بنحمزة، بعنوان “الوظيفة الحمائية لعلم الكلام”، تنصب على دراسة أربع محاور رئيسية تهم “علم الكلام، والمفهوم والمشروعية” و”علم الكلام، والمقاصد والوظائف العلمية وسؤال التحيز”، و”قضايا منهجية في علم الكلام”، و”علم الكلام والعلوم الإنسانية، رؤى في العلائق والآفاق”.