في أجواء من الانقسام والتوتر المتصاعد، يواجه الإضراب المفتوح الذي دعت إليه جمعية هيآت المحامين في المغرب انتقادات حادة وغياباً ملحوظاً لعدد من النقباء والأعضاء البارزين عن الاجتماع الأخير لمجلس هيئة الدار البيضاء. ووفقاً لمصادر “إكسبريس تيفي”، يُعزى هذا الغياب إلى رفض بعض الشخصيات البارزة خوض مقاطعة غير محددة زمنياً لمهام الدفاع. وقد سبقت الاجتماع اتصالات مكثفة مع النقيب حيسي، الذي أصدر بلاغاً مؤيداً للإضراب دون استشارة جميع الأعضاء، ما أثار موجة من الاستياء داخل الأوساط المهنية.
وفي خضم هذا المشهد المعقد، واصلت المحاكم المغربية عقد جلساتها بشكل طبيعي، ما أضاف أبعاداً جديدة للأزمة وهدد حق المواطنين في الحصول على دفاع عادل. من جهة أخرى، أثار تشكيل لجان مراقبة أمام المحاكم ردود فعل متباينة بين المحامين، إذ وصل الأمر إلى تهديدات بتقطيع بذلة أي محامٍ يسعى لمباشرة مهامه، وهي تصرفات وصفتها بعض الأوساط المهنية بأنها تتجاوز حدود الأخلاقيات المعهودة وتسيء إلى روح المهنة.
وفي سياق متصل، شهدت منصات التواصل الاجتماعي نقاشات مشحونة، منها حادثة نشر أحد المحامين لمذكرة صادرة عن مكتب محاماة في اليوم الأول من الإضراب، بهدف إحراج القائمين على المكتب. وقد لاقت هذه الخطوة رداً صارماً من أحد المحامين المخضرمين الذي دعا إلى احترام الزملاء، وحث الشباب على التركيز في أداء عملهم وتكريس جهودهم لخدمة المهنة بجدية، بعيداً عن مراقبة تصرفات الآخرين أو فرض الوصاية، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بمحاميات ومحامين ذوي سمعة طيبة ومهنية عالية.
ولم تتوقف الاستفزازات عند هذا الحد، إذ برزت أيضاً نقاشات تتعلق بأملاك بعض المحامين وحياتهم الشخصية، وصلت إلى حد المطالبة بتقاسم الأتعاب، في تجاوز واضح للمعايير المهنية والأخلاقية. وقد اعتبر العديد من المحامين أن هذه التصرفات تهدد التماسك الداخلي للجسم المهني وتوحي بشروخ جديدة غير مسبوقة.
ما بدأ كإضراب للمطالبة بالحقوق تحول إلى أزمة تثير تساؤلات حول مستقبل المهنة وتأثيرها على العدالة والأخلاقيات المهنية. إن إعادة النظر في الخطوات المقبلة باتت ضرورة ملحة للحفاظ على قيم المهنة وروح التعاون بين الزملاء، وتفادي التداعيات التي قد تؤثر على المصلحة العامة وتسيء لسمعة المحاماة في المغرب.
الخنساء.