تعيش العدالة في المغرب اليوم تحت وطأة أزمة خانقة، نتيجة لتغلغل الشعبوية في العديد من القطاعات المهنية، التي تجسدت في ممارسات بلطجية صارخة تهدد استقلالية الدفاع وتضع مصداقية المؤسسات القضائية في مهب الريح.
توصلنا في اكسبريس تيفي بالعديد من الشهادات، من محاميات و محامين عبروا عن أسفهم و حزنهم لما يقع داخل مجموعات خاصة بالمنتمين المهنة و ايضا لما يقع خلال اجتماعات الهيآت.
و في تدوينة نشرتها محامية بهيئة الدار البيضاء، كشفت هذه الأخيرة عن تصاعد الأزمة داخل قطاع المحامين، حيث أصبحت ممارسات البلطجة الداخلية أكثر عنفًا وأوسع انتشارًا، ما يهدد بشكل مباشر مسار العدالة في البلاد.
أصبح العديد من المحامين والمحاميات يعانون في صمت، في ظل بيئة مهنية غير آمنة، يتم تهديد استقلاليتهم وحريتهم في ممارسة مهامهم.
و في سياق قرار جمعية هيآت المحامين بمقاطعة المحاكم، و بعد ظهور بوادر انفراج تمثلت في فتح قنوات للحوار بين الجمعية والجهات المعنية، إلا أن قلة من الممارسين اختاروا التصعيد، فوقفوا ضد أي خطوة تهدف إلى تعليق الإضراب، مما يسهم بشكل كبير في إضعاف المؤسسات المهنية وتدمير أي مصداقية متبقية أمام الجهات الرسمية.
أما النقباء وأعضاء المجالس المهنية، فقد أصبحوا هدفًا لهجوم قاسٍ لمجرد أن يعبروا عن آرائهم في تعليق المقاطعة. يتم اتهامهم بالانبطاح، رغم أن موقفهم ليس سوى تعبير عن مسؤوليتهم تجاه المهنة والعدالة. هذا الهجوم اللامبرر يفاقم الأزمة ويثير تساؤلات مشروعة حول مشروعية ما يحدث في هذا القطاع المهني الحساس.
والأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فهذه الممارسات البلطجية طالت في الماضي القريب أيضًا المواطنين، الذين تم حرمانهم من حقهم في الدفاع فقط لأن خصمهم كان ينتمي إلى هيئة المحامين. حيث في نازلات عديدة، تم استخدام أساليب غير منطقية من تعبئة وانزال مكثف في المحاكم ضد مواطنين أبرياء، ليجد المواطن العادي نفسه ضحية لمواجهة غير متكافئة مع خصم قوي ومؤثر و محروم من حق الدفاع.
من خلال هذه الأحداث، يتضح أن العدالة في المغرب أصبحت رهينة لممارسات غير قانونية تهدد كيانها وتضعها تحت رحمة الشعبوية والبلطجة. يجب على المؤسسات المعنية أن تتحمل مسؤولياتها كاملة في حماية استقلالية مهنة المحاماة وضمان حق المواطن في الدفاع. لا يمكن تجاهل هذا الانحراف الخطير الذي يهدد سمعة العدالة في البلاد.
لقد حان الوقت لأن تتحرك الجهات المعنية بسرعة وفعالية للحد من هذه الظواهر، وإنقاذ ما تبقى من مصداقية العدالة المغربية.
نجيبة جلال