بقلم لبنى السباعي
تستمر مدينة ورزازات “هوليوود إفريقيا”، في تسجيل تراجع ملحوظ في القطاع السياحي خلال عام 2024، رغم الانتعاش الذي يشهده هذا القطاع على الصعيد الوطني، والجهود التي تبذلها الدولة لدعم السياحة، فقد شهدت المدينة انخفاضا كبيرا في عدد الوافدين السياحيين وليالي المبيت خلال الأشهر الثمانية الأولى من السنة مقارنة بنفس الفترة في 2023، مما يثير القلق حول مستقبل المدينة كوجهة سياحية رئيسية في المغرب.
وقال الخبير في المجال السياحي الزبير بوحوت لقد سجلت ورززات انخفاضا بنسبة 20% في عدد السياح خلال عام 2024 مقارنة بالعام الذي قبله. كما تراجعت الليالي السياحية بنسبة 11% بين شهري يناير وغشت 2024، وهذا ما يعكس التحديات التي تواجه المدينة، التي كانت تعتبر واحدة من أبرز الوجهات السياحية في المغرب، خصوصا في مجالات السياحة الثقافية والسينمائية.
هذه الأرقام تدل على أن المدينة ما تزال تعاني من تبعات أزمة هيكلية، وضعف التنسيق بين الفاعلين في القطاع السياحي.
وحسب معطيات للمرصد المغربي للسياحة فقد سجلت أقاليم جهة درعة تافيلالت انخفاضا في جل أقاليمها من حيت الليالي السياحية.
ووفق الخبير فإن من بين الأسباب الرئيسية لهذا التراجع، المشاكل الهيكلية التي تعاني منها المدينة، مثل سوء التدبير المحلي وقلة الاهتمام بتطوير البنية التحتية السياحية. كما أن ضعف وسائل النقل الجوي يزيد من تعقيد الوصول إلى المدينة، ويقيد تدفق السياح. ورغم التقدم الذي أحرزته بعض المدن المغربية في تحسين الربط الجوي، لا تزال ورززات تواجه صعوبة في هذا المجال، خاصة عبر ممر “تيشكا” الذي يعد ممرا رئيسيا يربط المدينة ببقية المدن المغربية.
وأضاف أيضا أن القطاع الفندقي في ورززات يواجه أزمة مالية خانقة، حيث تراكمت الديون على العديد من الوحدات الفندقية، مما أدى إلى إغلاق بعض الفنادق وتفاقم الوضع المالي لهذه المؤسسات. هذا ما يؤثر سلبا على جودة الخدمات الفندقية، وينعكس بدوره على صورة المدينة كوجهة سياحية دولية.
وأفاد الخبير أنه بالمقابل، يسجل القطاع السياحي على المستوى الوطني تحسنا ملحوظا، حيث أظهرت البيانات الصادرة عن المرصد المغربي للسياحة أن مدنا مثل مراكش وأكادير شهدت زيادة كبيرة في أعداد الوافدين. فقد سجلت مدينة مراكش زيادة بنسبة 71% في عدد السياح خلال سبتمبر 2024 مقارنة بنفس الشهر في العام 2023، فيما شهدت أكادير نموا بنسبة 46%. هذه الزيادة تعكس تزايد الطلب على الوجهات السياحية في هذه المدن، مما يعزز مكانتها على الساحة الدولية.
وهذا الانتعاش حسب الخبير راجع إلى عدة عوامل رئيسية، أبرزها تعزيز الربط الجوي مع الأسواق الأوروبية والعالمية من خلال افتتاح خطوط جوية جديدة. كما ساهمت الحملات الترويجية التي أطلقها المكتب الوطني المغربي للسياحة، مثل حملة “المغرب، أرض النور”، في تعزيز الحضور الدولي للمملكة. بالإضافة إلى ذلك، كان للنجاحات التي حققها المنتخب الوطني في كأس العالم 2022، ودور المغرب في إكسبو دبي 2021-2022، دور كبير في تحسين صورة المغرب كوجهة سياحية عالمية.
وكشف الخبير أن المناطق التي تأثرت بالزلزال، مثل منطقة الحوز، فقد شهدت انتعاشا جزئيا في القطاع السياحي، مع زيادة بلغت 16% في عدد الوافدين. رغم أن المنطقة لا تزال بعيدة عن مستوياتها السياحية السابقة بسبب الأضرار التي لحقت ببنيتها التحتية، فإن الجهود المبذولة في ترميم المنطقة بدأت تثمر، مما يبشر بعودة تدريجية للنشاط السياحي في هذه المناطق.
وخلص الخبير بوحوت أنه رغم وجود بعض البرامج الحكومية التي تهدف إلى تطوير القطاع السياحي، إلا أن العديد من المبادرات لم تكن فعالة بما يكفي لتحقيق نمو مستدام وواضح. وهذا ما يشير إلى أن ورززات بحاجة إلى إصلاحات شاملة وإرادة محلية قوية لضمان نهضة سياحية حقيقية. يتطلب الوضع الحالي اتخاذ استراتيجيات محلية واضحة، تعتمد على تطوير وسائل النقل، خصوصا عبر تحسين الربط الجوي وتخفيف صعوبات المواصلات البرية. بالإضافة إلى اتخاذ تدابير عاجلة لتحسين بنيتها التحتية الفندقية وتعزيز العروض السياحية المتنوعة.
إذا لم يتم اتخاذ هذه الإجراءات بسرعة، فإنه سينعكس سلبا على اقتصاد المدينة الذي يعتمد على السياحة بشكل رئيسي، فمن الضروري أن يتضافر العمل المحلي والوطني لإيجاد حلول فعالة تضمن تحسين الوضع الراهن وعودة النشاط السياحي في ورززات إلى مستوياته السابقة، واستعادة مكانتها كوجهة سياحية متميزة في المملكة.