هل يمنح القضاء لهيام سطار فرصة ثانية؟

هل يمنح القضاء لهيام سطار فرصة ثانية؟

- ‎فيواجهة, رأي
IMG 6839
إكسبريس تيفي

إكسبريس تيفي: نجيبة جلال

 

تثير قضية هيام سطار العديد من الأسئلة الحقوقية والإنسانية التي تتطلب توازناً دقيقاً بين حماية حقوق الأطفال ومنح الفرصة للأم للتغيير. هيام سطار، الأم التي لديها ثلاثة أطفال وتنتظر مولودها الرابع، تواجه اتهامات بالتعنيف، مما يضعها في مواجهة مع القضاء. ولكن السؤال الذي يطرحه الكثيرون هو: هل يمكن منحها فرصة ثانية؟ وهل يمكن تجنب الحلول القصوى مثل إبعادها عن أطفالها؟

من الناحية القانونية، تظل حماية الأطفال أولوية في النظام القضائي المغربي، خاصة في حالات العنف الأسري. في هذه الحالة، قد يُضطر القضاء إلى اتخاذ إجراءات لحماية الأطفال من بيئة قد تكون ضارة لهم. لكن في نفس الوقت، إذا أبدت الأم استعداداً حقيقياً للإصلاح، هل يمكن للقضاء منحها فرصة ثانية لتعديل سلوكها؟ هل يقرر القضاء أن يكون هناك التزام ببرامج تأهيلية وعلاج نفسي تحت مراقبة قضائية مستمرة، لضمان أن سلوكها لن يشكل تهديداً للأطفال في المستقبل؟ إلا أن القضية لا تتعلق فقط بممارسات العنف، بل تمتد إلى سلوك هيام على مواقع التواصل الاجتماعي. فعلاً، محتوى هيام يشكل قدوة سيئة، حيث أنها لا تخفي استخدامها للكلمات النابية وتوجيه الشتائم، معتقدة أن هذا السلوك يزيد من متابعيها ويحقق لها مزيدًا من النجاح الرقمي. للأسف، هذا النوع من السلوك يرسخ قيمًا سلبية يمكن أن تؤثر على جمهورها، وخاصة أطفالها، الذين يتعرضون لهذا المحتوى. فهل يمكن للقضاء إلزامها بتعديل سلوكها الرقمي؟

المغرب بصدد تنزيل إطار العقوبات البديلة، و هي مرحلة مفصلية في توجه السياسة الجنائية المغربية فهل يمكن للقضاء أن يُطلب من هيام تعديل نوعية المحتوى الذي تقدمه على منصاتها الرقمية؟ هل يُفرض عليها التزام قانوني بعدم نشر محتوى يتعارض مع القيم الاجتماعية، وتقديم محتوى يعكس سلوكًا إيجابيًا يحترم حقوق الطفل ويشجع على التعايش السلمي؟ هذه الأسئلة تفتح المجال للنقاش حول كيفية دمج الحقوق الرقمية مع الحقوق الأسرية في إطار واحد.

إذا كان بإمكان القضاء أن يُلزمها بتعديل سلوكها الرقمي، فإنه من الممكن أن يُسمح لها بالاستمرار في نشاطها على الإنترنت، ولكن شريطة أن تلتزم بتوجيهات قانونية صارمة. بهذه الطريقة، يُمكن للأم أن تستمر في كسب رزقها بينما تكون تحت مراقبة قضائية تضمن أن محتواها لا يتسبب في أضرار للأطفال أو المجتمع.

لكن، تبقى الفرصة الثانية رهينة بقابلية هيام للإصلاح. هل هي مستعدة لتغيير سلوكها، سواء كان ذلك عبر التزام ببرامج تأهيلية أو تعديل محتوى منصاتها الاجتماعية؟ إذا كانت الإجابة نعم، هل يمكن منحها فرصة ثانية؟ بدلاً من اللجوء إلى الحلول القصوى مثل إبعادها عن أطفالها أو تفكيك الأسرة، يمكن أن يُعطى لها الفرصة لإصلاح حياتها، بما في ذلك الحفاظ على وحدة الأسرة.

من المهم الإشارة إلى أن قضية هيام سطار قد تشكل سابقة قضائية تفتح المجال أمام اجتهاد قضائي مهم في المستقبل. فقد يصبح هذا الملف مرجعًا للتعامل مع سلوك الأمهات في العالم الواقعي والافتراضي على حد سواء. إذا تم التعامل مع القضية بحذر وبمقاربة شاملة، فهل يمكن أن يساهم القضاء في تغيير ملامح السلوك الأسري في المستقبل؟
وفي هذا السياق، لا بد أن نذكر أن التوجيهات الملكية تعكس حرص الدولة على الحفاظ على الأسرة وتعزيز استقرارها، فلقد شدد جلالة الملك محمد السادس، في مناسبات عدة، على أهمية حماية الأسرة وضمان حقوق الأطفال.

في النهاية، ربما الخبرة الطبية و استماع القاضي لهيام و زوجها هي العوامل التي ستحدد قرار المحكمة، لأنه و إلى حدود الساعة، لازالت هيام هي الحاضنة القانونية لاطفالها و ما سيحدد قرار قاضي الأحداث في المستقبل، و مصير أطفال هيام هو حتما قرار قاضي الحكم اليوم في شأن الملف المعروض أمام المحكمة الزجرية بمدينة الدار البيضاء.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *