زمن البراهيش والسلاكيط – الصحافي ماشي حايط قصير

زمن البراهيش والسلاكيط – الصحافي ماشي حايط قصير

- ‎فيشن طن, واجهة
نجيبة جلال المهداوي بنكيران
إكسبريس تيفي
بقلم نجيبة جلال

في زمن يسوده التردي الأخلاقي والانحدار المهني، أصبح استهداف الصحافة الحرة نهجاً متكرراً لمن اختاروا الشعبوية سبيلاً للتغطية على زيفهم وعجزهم. الخطاب السياسي والإعلامي بات مرآة لهذا الانحطاط، حيث تتوالى الهجمات على الصحفيين الذين لا ذنب لهم سوى أداء واجبهم المهني في كشف الحقائق وتعرية الزيف.

اليوم، تُرمى الصحافة بتهمة “التشهير” لأنها تصدت للكذب وفضحت ادعاءات من نصبوا أنفسهم دعاة للقيم والمبادئ. هؤلاء الذين يتشدقون بالأخلاقيات، ما هم إلا أول من يخترقها. عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة السابق، الذي كان يدعي أنه رافع لواء الأخلاق والنزاهة، لم يجد حرجاً في وصف صحفي محترم بـ”البرهوش” و”ما مربيش”. كلمات لا تليق بمن يزعم تمثيل قيادة حكيمة بمرجعية دينية. هل هذه هي الكلمة الطيبة التي يدعو إليها الإسلام؟ أم أن بنكيران اختار أن يكون نموذجاً في نشر ثقافة الإساءة بدل الاحترام؟

وعلى المنوال ذاته، يظهر حميد المهداوي بخطابه الشعبوي الذي يصف الصحفيين بـ”السلاكيط” و”السلكوطات”. هذه ليست زلة عابرة، بل امتداد لعقلية بنكيرانية ساهمت في تأسيس خطاب تهجمي بذيء، بات الآن يتحور وينمو في أوساط تدّعي الدفاع عن القيم وهي تهدمها. المهداوي، الذي كان يفترض أن يكون صوتاً للرأي العام، اختار أن يتحول إلى أداة تشويه لكل من يخالفه، ليعكس انحداراً جديداً في التعامل مع مهنة الصحافة.

محاولات تكميم الأفواه لم تتوقف عند هذه الإساءات، بل امتدت إلى اتهام الصحافة بالتشهير في قضايا شائكة مثل ملفات توفيق بوعشرين وسليمان الريسوني. هذه الملفات التي حاول البعض تسييسها لضرب صورة المغرب الحقوقية، لم تكن سوى انعكاس لصراع خاسر ضد الصحافة الحرة. بلاغات كاذبة واتهامات ملفقة، مثل البيان الذي أصدره أحد فروع حزب العدالة والتنمية ضد صحفي، والذي وصفه بالـ”مشهر” وادعى أنه عنفه، فقط لأنه كشف حقيقة ملف حساس يتعلق باعتراف بنوة أحد النافذين. هل يُعقل أن يصبح فضح الفساد والجرائم مبرراً لشيطنة الصحافة؟

إن الصحفي ليس “حايط قصير”، ولن يكون ضحية سهلة لمن يحاولون إخراسه. الصحافة هي سلاح في يد الحقيقة، قوة تحمي المصلحة العامة وتواجه الفساد والكذب مهما كلف الأمر. وعندما يصف بنكيران أو المهداوي الصحفيين بأنهم “براهيش” و”سلاكيط”، فإنما يحاولون التغطية على عجزهم أمام قوة الكلمة الصادقة.

الصحافة لن تخضع ولن تصمت. لقد كشفت الأكاذيب وأحرجت من اعتادوا الكذب والتضليل. والمطلب اليوم ليس فقط مواصلة هذا النهج المهني، بل حماية الصحفيين من الهجمات المنظمة التي تسعى لإخماد الصوت الحر. الصحافة هي ضمير الأمة، وستبقى حرة، حارسة للحقيقة، مهما اشتدت عليها الرياح.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *