مدونة الأسرة – بين التعديلات القانونية والتحولات الثقافية نحو التوازن

مدونة الأسرة – بين التعديلات القانونية والتحولات الثقافية نحو التوازن

- ‎فيشن طن, واجهة
مدونة الأسرة
إكسبريس تيفي

بقلم نجيبة جلال

في أتون الجدل الدائر حول التعديلات المنتظرة على مدونة الأسرة، تبدو الصورة ضبابية أكثر من أي وقت مضى. فبينما تزداد التحليلات والمناقشات، نجد أن الكثير منها يدور حول مسودة لم تُعرض بعد، مما يثير تساؤلات جوهرية حول مصير النقاش: هل نحن بصدد مناقشة نصوص قانونية غائبة، أم أننا نستبق الزمن في انتظار محتوى قانوني قد يفتح أبواباً جديدة لفهم أعمق للعلاقات الأسرية في مجتمعنا؟

تعكس تعليقات البعض على منصات التواصل الاجتماعي حالة من التردد والارتباك، إذ يطرح البعض تساؤلات شائكة مثل: “هل ترضاهُ لأختِك؟”، في إشارة إلى تصورهم أن أي مكسب للمرأة في إطار هذه التعديلات قد يعني انتقاصًا من حقوق الرجال. هذه النظرة الضيقة تُظهر أن النقاشات تتسم في بعض الأحيان بالانحياز إلى طرف واحد، متجاهلةً ضرورة خلق بيئة قانونية تعزز التعاون والمساواة بين الرجل والمرأة في بناء الأسرة. من جهة أخرى، يسلط البعض الضوء على المساهمة القيمة للمرأة داخل المنزل، مستحضرين في ذلك مفهوم “الكد والسعاية” التقليدي، الذي كان يُكرّس حق المرأة في المشاركة في الثروة بناءً على دورها داخل الأسرة.

وفي ظل هذا الجدل، من المهم التأكيد أن مدونة الأسرة ليست إلا إطارًا قانونيًا لتنظيم العلاقات الأسرية، إلا أن الأهم من ذلك هو نضج الأطراف المعنية وقدرتها على تحمل المسؤولية. فالتغيير الحقيقي لا يبدأ بنصوص قانونية جديدة فحسب، بل في تحول ثقافي أعمق، حيث ينبغي أن تتجاوز التعديلات القانونية الطابع الجبري لتفتح آفاقًا من التفاهم والتعاون بين الزوجين، مع تعزيز قيم الاحترام المتبادل وتبادل الأدوار بشكل يضمن استقرار الأسرة.

إن القوانين لا تحل كل الإشكاليات، بل توفر الإطار الذي يساعد في تنظيم العلاقات، أما التغيير الفعلي فيتطلب تربية مجتمعية تتجاوز التشريعات، لتشمل التربية على الاحترام المتبادل، والنضج في اتخاذ القرارات الأسرية. فالحديث عن المساواة بين الرجل والمرأة يجب أن يُنظر إليه كدعوة لبناء مجتمع متوازن، قائم على التكامل لا التنافس، يسعى لتحقيق العدالة للأطراف كافة، بعيدًا عن إثارة الصراعات الوهمية بين الجنسين.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *