نجيبة جلال/
مرة أخرى، يطل حميد المهداوي بفيديوهات مشحونة بالعناوين الرنانة والمزاعم المثيرة التي لا تمت للحقيقة بصلة، سعيًا منه لتضليل الرأي العام وإيهامه ببطولات زائفة. البارحة، أعلن المهداوي أنه سيكشف للمغاربة تفاصيل “انتصاره” في محاكمته، ثم نشر مقطعًا حمل عنوانًا مضللًا: “قانون الصحافة ينتصر على القانون الجنائي”. وفي بداية الفيديو، ادعى أنه “انتزع حقًا” من المحكمة، لكن الحقيقة شيء آخر تمامًا.
ما لم يصرح به المهداوي هو أن حديثه كان يتعلق بالشكاية الثانية التي كيفتها المحكمة ضمن اختصاصات قانون الصحافة، بعد أن غير عنوان قناته وربطها بموقعه الإلكتروني عقب الشكاية الأولى. بينما كانت الشكاية الأولى موجهة ضد قناة تحمل اسمه الشخصي. هذه المناورة التقنية لا تعني أن المحكمة أسقطت عنه المتابعات أو غيرت جوهر القضية. فالقضاء لا يحابي أحدًا، ولا يخضع لاستعراضات المهداوي المضللة.
في الحقيقة، المحكمة تابعت المهداوي بجنح السب والقذف ونشر الادعاءات الكاذبة، بناءً على الوقائع والمعطيات المتوفرة. ادعاءه بأن هناك “انتصارًا” لقانون الصحافة على القانون الجنائي هو محاولة فجة لخلق وهم لدى متابعيه بأن القضاء تخلى عن متابعته. لكن الحقيقة أبسط وأوضح: المحكمة مارست سلطتها التقديرية في تكييف القضية بناءً على الوقائع المثبتة، دون أي تنازل عن الحق أو التلاعب بالقانون.
مثلًا، عندما يضع ضحية شكاية تتضمن عدة اتهامات ضد شخص ما، قد يقرر القاضي الاحتفاظ فقط بما ينسجم مع العناصر الموثقة قانونيًا. وهذا لا يعني بأي حال أن “قانونًا” انتصر على آخر. بل يعني ببساطة أن القضاء يعمل وفق ضوابط مهنية واضحة لا تقبل التزييف الذي يحاول المهداوي الترويج له.
المهداوي، الذي طالما لجأ إلى الشعارات المضللة ومحاولات تمويه الحقيقة، يدرك جيدًا أنه لن يُتابَع إلا على ما اقترفه. والقضاء، خلافًا لما يحاول إيهام الناس به، لن يتساهل مع جنح السب والقذف ونشر الأكاذيب. ومن المثير للسخرية أن من يدعي ظلم القضاء يظن أنه فوق القانون، ويحاول دائمًا تقديم نفسه كضحية بطولات وهمية.
القضاء في المغرب لا يجامل ولا يحابي، لكنه أيضًا لا يتسامح مع من يحاول ضرب مصداقيته عبر التلاعب بعقول الناس. والمهداوي، الذي اعتاد على تدليس الوقائع، لا يدرك أن الحقيقة تظل أقوى من كل حملاته التضليلية، وأن القانون سيظل يلاحق كل من يحاول تطويعه لصالحه.