بقلم نجيبة جلال
لا يكاد يمر يوم دون أن يشهد الإعلام المغربي حادثة جديدة يكون بطلها حميد المهداوي، اليوتوبرز المعروف بتصريحاته المثيرة للجدل. وفي هذه المرة، كان في قلب واقعة غريبة وغير مسبوقة، حيث قام محمد المديمي بنشر رابط مقال زعم أنه من صحيفة أمريكية، مؤكداً أنه يستند إلى مصادر إعلامية موثوقة. لكن، كما جرت العادة، لم تدم هذه الرواية طويلاً قبل أن تنكشف الحقائق.
فور نشر المديمي لهذا الرابط، أقدم المهداوي على استضافته في برنامجه، مخصصًا حلقة كاملة للترويج لهذا المقال المزيف، مدعيًا أنه فضيحة تاريخية تكشف عن مؤامرة كبيرة. و بما أن المقال يتضمن صورة للمديمي، فالكل ظن أنه هو من قام بالنشر!
لكن سرعان ما تغيرت مجريات الأمور، حيث قامت مغربية متخصصة في الإعلاميات بالكشف عن حقيقة الرابط بعد تحقيق بسيط، لتكتشف أن المقال منشور على موقع وهمي، يتيح لأي شخص نشر مقالات مقابل دفع مبلغ ضئيل لا يتجاوز خمسة دولارات. وبهذا الموقع الرخيص، يمكن لأي فرد نشر محتوى فارغ من المصداقية، ليصبح واضحًا بعد التدقيق أن المقال لا يملك أي قيمة إعلامية حقيقية.
لكن المفاجأة الأكبر حدثت في اليوم التالي، حيث قام الإعلامي محمد تحفة بتحري أعمق، ليكتشف أن حميد المهداوي نفسه هو من تواصل مباشرة مع صاحب الموقع المزيف في بنغلاديش، ودفع له مقابل نشر المقال بهدف ترويجه على أنه صادر عن موقع أمريكي مرموق. كان الهدف الواضح من هذه المناورة هو التلاعب بالرأي العام المغربي، وخلق انطباع بأن المقال يمثل تقريرًا صحفيًا حقيقيًا من جهة إعلامية عالمية.
هذه الحادثة لا تمثل مجرد كذبة عابرة، بل هي جريمة إعلامية مكتملة الأركان، تم من خلالها نشر ادعاءات كاذبة عبر موقع مزيف والترويج لها بشكل متعمد بهدف التشهير بمحمد تحفة. هذا السلوك لا يعكس سوى انحراف خطير في ممارسة العمل الإعلامي، ويعد جريمة يعاقب عليها القانون.
في النهاية، تؤكد هذه الواقعة على أن المهداوي لم يروج سوى للكذب، ولم يعرف من الإعلام إلا التزييف والتدليس. فهل سيأخذ القانون مجراه في هذه القضية؟ وهل سيقوم المجلس الوطني للصحافة بسحب بطاقته المهنية من هذا المدلس؟ هذه الحكاية ليست مجرد فضيحة إعلامية فحسب، بل هي بمثابة جرس إنذار لكل من لا يزال يصدق هذه الألاعيب القذرة، داعية إلى ضرورة وضع حد لهذه الممارسات المشبوهة وإنهاء هذه اللعبة المضللة.