احمد اوسار _ القنيطرة
جددت جماعة العدل والإحسان، على لسان أحد قيادييها البارزين عمر أمكاسو، موقفها الخبيث من النظام الملكي في المغرب. ففي تصريحات أثارت جدلًا واسعًا، دعا أمكاسو إلى إقامة نظام سياسي ديمقراطي يقوم على الإرادة الشعبية وفصل السلطات، ويُصاغ دستوره من قبل جمعية منتخبة.
ووصف أمكاسو، خلال حوار نُشر مؤخراً، الملكية بأنها امتداد لما سماه “الملك العضوض”، معتبرًا أن هذا النظام التاريخي شكّل “انكسارا” منذ تحوّل الخلافة الشورية إلى حكم وراثي. وأكد أن الجماعة تناضل لإرساء بديل سياسي يتجاوز الملكية الحالية.
تصريحات أمكاسو تأتي في إطار خطاب متكرر للجماعة، يرفض التوافق مع النظام الملكي الذي يعتبره عموم المغاربة ركيزة أساسية لوحدة البلاد واستقرارها. رغم تأكيد الجماعة على سلمية معارضتها، إلا أن توقيت هذه التصريحات يثير التساؤلات حول أهدافها الحقيقية.
الخروج الإعلامي الأخير للجماعة جاء في وقت يحقق فيه المغرب إنجازات بارزة على الصعيدين الداخلي والخارجي. من التنمية الاقتصادية، والمشاريع الكبرى مثل ميناء طنجة المتوسط، والاستثمارات في الطاقات المتجددة، إلى الدور البارز الذي تلعبه المملكة في الدفاع عن القضايا الإفريقية وتعزيز الاستقرار الإقليمي وكذا المكاسب التي حققها المغرب لمصلحة قضية الصحراء المغربية. هذا التقدم يدحض ادعاءات الجماعة ويبرز نجاح النموذج الملكي في تحقيق التنمية والاستقرار.
على المستوى الشعبي، فجميع المحطات تؤكد أن المغاربة يتمسكون بنظامهم الملكي كصمام أمان تاريخي يضمن استمرارية الوحدة الوطنية. حتى مع وجود تحديات اقتصادية واجتماعية، يعبّر المواطنون عن اعتزازهم بالمكتسبات التي حققها المغرب في ظل القيادة الملكية. في هذا السياق، يبدو أن خطاب الجماعة لا يعكس توجهات المغاربة، بل يحاول استغلال أزمات عابرة للتشويش على النجاحات الوطنية.
أكثر من ذلك، تشير معطيات تاريخية إلى ارتباطات خارجية مشبوهة للجماعة، خصوصًا مع إيران. تأكيد الجماعة على أهمية “الدرس الإيراني” في الإصلاح والتغيير أثار انتقادات واسعة، خاصة أن المغرب يتمتع باستقلالية قراراته السياسية، بعيدًا عن أي استيراد لنماذج أجنبية غير ملائمة.
محللون سياسيون يرون أن خروج جماعة العدل والإحسان بهذه التصريحات في هذا التوقيت يرتبط بتحولات إقليمية كبيرة، أبرزها الضربة القوية التي تعرض لها حزب الله في لبنان، وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا، وتراجع دور إيران إقليميًا وعزلتها في العالم الإسلامي. يُتوقع أن تلجأ إيران لتحريك التنظيمات الموالية لها في عدد من الدول العربية كوسيلة للضغط واستعادة نفوذها.
هذه التحركات تشير إلى احتمالية استغلال الجماعة للأوضاع الإقليمية، لتوسيع أجنداتها تحت غطاء الشعارات المحلية. المحللون يؤكدون أن هذا التداخل بين أجندات داخلية وخارجية قد يشكّل تهديدًا إضافيًا للأمن القومي المغربي، خاصة مع وجود مؤشرات على رغبة إيران في تصدير أزماتها نحو الدول التي تحاول الحفاظ على استقرارها، مثل المغرب.
المراقبون يرون في خطاب العدل والإحسان تهديدًا مباشرًا للنموذج المغربي الذي يقوم على التماسك الوطني حول الملكية. بينما تحاول الجماعة استغلال شعارات الديمقراطية والحرية، فإنها تُظهر افتقارًا واضحًا لرؤية واقعية تنسجم مع تطلعات المواطنين. بدلاً من تقديم حلول عملية، يُنظر إلى مواقف الجماعة كقنبلة موقوتة تهدد الأمن القومي، وتتنافى مع تضحيات الشعب المغربي وسعيه للحفاظ على استقراره