بوعشرين.. محاولة بائسة لتسويق نفسه كبديل إعلامي ودبلوماسي

بوعشرين.. محاولة بائسة لتسويق نفسه كبديل إعلامي ودبلوماسي

- ‎فيواجهة, مجتمع
IMG 20250127 WA0086
إكسبريس تيفي

 

نجيبة جلال/
في مشهد تتسارع فيه التحولات الدبلوماسية ويُعاد فيه تشكيل موازين القوى الإقليمية، يصرّ توفيق بوعشرين على الظهور وكأنه لاعب فاعل في معادلة لا يدرك قواعدها. تدوينته الأخيرة، التي حاول فيها تقديم نفسه كصوت ذي تأثير يتردد في الجزائر، كشفت عن انفصاله التام عن الواقع، وعن خطاب يراوح مكانه بين استعراض الأرقام والإحصائيات وبين محاولات يائسة لتلميع الذات.

بوعشرين، الذي اختار الغوص في موضوع ميزانية الدفاع الجزائرية، لم يأت بجديد. طرحه الذي بدا أقرب إلى محاضرة مدرسية، تكرر عشرات المرات من قبل محللين ودبلوماسيين أكثر دراية وخبرة. تساؤلاته “ضد من تتسلح الجزائر؟” والإجابات السطحية التي قدمها، ليست سوى محاولة لإعادة إنتاج خطاب مستهلك لم يضف أي قيمة تحليلية.

المثير للسخرية في تدوينة بوعشرين هو استعراضه المفرط لأرقام المشاهدات والإشارات التي حصدها برنامجه في الجزائر. وكأن تأثير الدبلوماسية يُقاس بعدد اللايكات والتعليقات، أو كأن منصة يوتيوب باتت ساحة التأثير الإقليمي. هذا الوهم يعكس أزمة عميقة في فهمه لطبيعة الدور الذي يمكن أن يلعبه الإعلام في خدمة القضايا الوطنية، بعيدًا عن محاولات استعراض الذات.

في حديثه عن “تمييزه” بين النظام والشعب الجزائري، يحاول بوعشرين تقديم نفسه كصوت متوازن وعقلاني. لكنه يغفل حقيقة أن العقلانية تتطلب عمقًا في التحليل، ووعيًا بالحدود الفاصلة بين النقد البناء والبحث عن الأضواء. دعوته إلى تهدئة الأجواء بين الشعبين تبدو كغطاء لتقديم نفسه كبديل أو وسيط، وهو أمر يفتقر لأي ركيزة فعلية في الواقع.

المفارقة أن بوعشرين، الذي ينتقد النظام الجزائري ويتحدث عن فساد مؤسساته، لم يتردد في توظيف نفس القالب الخطابي لمهاجمة الداخل المغربي بطريقة غير مباشرة. فبدلًا من التركيز على الدفاع عن القضايا الوطنية الكبرى، يبدو وكأنه يبحث عن إثبات ذاته كـ”محاضر” ينتقد الجميع دون أن يقدم أي حلول أو أفكار ذات قيمة.

الدبلوماسية المغربية اليوم تتحرك بثقة وفعالية، معتمدة على رؤية استراتيجية مدروسة وأدوات حقيقية للتأثير. نجاحاتها لا تحتاج إلى خطابات “يوتيوبيين” ولا إلى من يروج لنفسه على أنه صاحب الحل والعقد. بوعشرين، الذي يبدو عالقًا في دور لم يعد يتماشى مع تطلعات المرحلة، بحاجة ماسة إلى مراجعة حقيقية لخطابه ولموقعه في المشهد الإعلامي.

إن محاولة استعراض الذات والتمسك بوهم التأثير لا يخدم سوى تضخيم الهالة الزائفة التي أحاط بها بوعشرين نفسه. الواقع، كما هو واضح، يتطلب أكثر من مجرد أرقام مشاهدات وأفكار مستهلكة. ربما حان الوقت لبوعشرين أن يدرك أن صوته الذي كان يومًا حاضرًا بدأ يتلاشى، ليصبح صدىً ضعيفًا في فضاء لا يعترف إلا بمن يملك رؤية حقيقية ومصداقية راسخة.

1 161 زيارة , 1 زيارات اليوم

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *