إكسبريس تيفي: احمد أوسار
في كل مرة تعلن الأجهزة الأمنية عن تفكيك خلية إرهابية، ينبعث من زوايا المشهد صوتان متناقضان: الأول صوت الدولة التي تعمل بحزم، مستندة إلى معطيات استخباراتية دقيقة، والثاني همسات ساخرة، تهون من الخطر، وتروج لفكرة أن الأمر مجرد “مسرحية” أمنية. هذه السذاجة لم تعد مجرد جهل، بل تحولت إلى تواطؤ فكري خطير.
الإرهاب ليس وهماً. إنه واقع فرض نفسه بالمخططات الدموية التي أُجهضت قبل التنفيذ. لكن رغم وضوح الأدلة، يصر بعض المشككين على الضحك بسخرية، كما لو أن الإرهاب مجرد فزاعة اعلامية. هؤلاء لا يدركون أنهم، عن قصد أو عن غباء، يمنحون المتطرفين غطاءً نفسياً، وكأنهم يقولون لهم: “استمروا، فهناك من سيدافع عنكم ولو بالسخرية”.
الأجهزة الأمنية لا تلاحق الأشباح، بل تواجه تهديداً حقيقياً. تفكيك الخلايا الإرهابية يتم بناءً على معلومات استخباراتية معقدة، ورصد طويل، وتقنيات حديثة. الإرهابيون ليسوا مجرد “أفراد”، بل خلايا منظمة، تتلقى أوامر مباشرة من قيادات إرهابية خارجية، كما حدث مع المخطط الذي تم إفشاله اليوم، والذي كان بتوجيه من قيادي في تنظيم “داعش” في الساحل الإفريقي.
عندما يقع هجوم إرهابي لاقدر الله، سيخرج هؤلاء المشككون أنفسهم ليصرخوا: “أين الدولة؟ لماذا لم تتحرك الأجهزة الأمنية؟”. التناقض صارخ، لكنه يعكس أزمة عميقة في فهم الأمن الوطني.
لا يمكنك أن تسخر من التدابير الوقائية، ثم تتباكى إذا فشلت في منع كارثة. الأمن لا يُقاس بعدد الهجمات التي وقعت، بل بعدد العمليات التي تم إحباطها قبل أن تُنفذ.
المغرب ليس استثناءً. دول كثيرة دفعت ثمن تهاونها مع الخطاب المتطرف، فوجدت نفسها غارقة في موجات عنف غير مسبوقة. المشككون يضحكون، لكن الإرهابيين لا يضحكون. هم يعملون بصمت، يخططون، يجنّدون، ينتظرون لحظة ضعف. الفارق الوحيد أن هناك دولة يقظة، لا تأبه للقهقهات، بل تنحاز للمصلحة الوطنية بحزم وصرامة.
السؤال اليوم ليس: “هل هناك إرهاب حقيقي؟” بل: “هل نحن مستعدون للوقوف إلى جانب من يحمي الوطن، أم سنواصل التهكم ونوفر بيئة خصبة لهذا الفكر الظلامي المتطرف، حتى نجد أنفسنا في وضع لايحسد عليه؟”.