متابعة
اعتبر رئيس مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي، علي الغنبوري، أن المبادلات الفلاحية بين المغرب وفرنسا تشكل ركيزة جوهرية في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، حيث يجمعها تكامل واضح بين صادرات المنتجات الزراعية المغربية والدعم الفرنسي في مجالات التكنولوجيا والمعدات الزراعية.
وتابع علي الغنبوري في ورقة حول المبادلات بين المغرب وفرنسا على ضوء مشاركة المغرب كضيف شرف في معرض باريس الدولي للفلاحة 2025، أن المبادلات التجارية الإجمالية بين البلدين بلغت 14 مليار يورو في 2023، مع تحسن بنسبة 0.9% في 2024، مما يعكس الدينامية المتزايدة في التعاون الفلاحي.
وأكد أن المغرب يعد المورد الأول للسوق الفرنسية في بعض المنتجات الزراعية، حيث تمثل الطماطم المغربية 69% من إجمالي الطماطم المستهلكة في فرنسا خلال 2024، بينما تستحوذ فرنسا على 20-25% من إجمالي صادرات المغرب من الحوامض، وفقًا لإحصائيات وزارة الفلاحة المغربية.
وأورد الغنبوري أن بعض المنتجات المغربية ذات القيمة المضافة، مثل زيت الأركان والزعفران، تشهد طلبًا متزايدًا في فرنسا، حيث بلغت قيمة صادرات زيت الأركان وحده 50 مليون يورو في 2023، مع توقعات بارتفاعها في 2024-2025 بفضل الترويج في معارض دولية مثل معرض باريس للفلاحة.
وأفاد رئيس مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي بأن فرنسا تظل شريكًا أساسيًا للمغرب في توريد المنتجات الزراعية والمعدات الفلاحية، حيث استورد المغرب 1.2 مليون طن من القمح اللين الفرنسي في 2023، بقيمة 300 مليون يورو، إضافة إلى معدات زراعية بقيمة تفوق 150 مليون يورو سنويًا لدعم تنفيذ استراتيجية “الجيل الأخضر 2020-2030”.
وواصل أن الميزان التجاري يميل لصالح المغرب في القطاع الفلاحي، إذ يسجل فائضًا بحوالي 500 مليون يورو سنويًا، رغم أن فرنسا تحقق فائضًا تجاريًا عامًا مع المغرب بقيمة 2.5 مليار يورو في 2024.
وذكر أن التعاون الفلاحي بين البلدين تجاوز التبادل التجاري ليشمل مشاريع مشتركة لمواجهة التحديات المناخية، من خلال تطوير تقنيات الري المستدام، تحسين إدارة الموارد المائية، وتعزيز الإنتاج الفلاحي الصديق للبيئة.
وبالنسبة للتحديات، أشار الغنبوري إلى أن المنافسة بين المنتجات المغربية والفرنسية في السوق الأوروبية تثير قلق الفلاحين الفرنسيين، خصوصًا مع انخفاض تكاليف الإنتاج في المغرب، وهو ما يستدعي البحث عن حلول توازن بين مصالح الطرفين.
وأوضح أن التغيرات المناخية تمثل تحديًا مشتركًا، حيث يواجه المغرب شح الموارد المائية بينما تعاني فرنسا من تقلبات مناخية تؤثر على محاصيلها، مما يتطلب تعزيز التعاون في مجالات الزراعة الذكية والمستدامة.
وأضاف أن معرض باريس الدولي للفلاحة 2025 يشكل فرصة مهمة للمغرب لتعزيز مكانته في السوق الفرنسية، حيث تشير التوقعات إلى ارتفاع الصادرات الفلاحية المغربية بنسبة تتراوح بين 5% و10% في السنوات المقبلة، مدفوعة بالطلب المتزايد على المنتجات المغربية التقليدية والمبتكرة.
وختم بأن الشراكة الفلاحية بين المغرب وفرنسا يمكن أن تتحول إلى نموذج للتعاون الإقليمي، حيث يمكن للمغرب الاستفادة من موقعه كبوابة للأسواق الإفريقية، بينما تستفيد فرنسا من التجربة المغربية في الزراعة الصحراوية لمواجهة تحديات الإنتاج الفلاحي في ظل التغيرات المناخية.