وديان عمور/
بروح متجددة وأجواء تنبض بالإبداع، تطلق الدار البيضاء للتنشيط والتظاهرات، بالتعاون مع مجلس مدينة الدار البيضاء، برنامجًا استثنائيًا يحتفي بشهر رمضان المبارك، حيث تمتزج الروحانيات بالثقافة والفن في تجربة فريدة تعكس هوية المدينة وتقاليدها العريقة. على مدى الشهر الكريم، ستعيش البيضاء ليالي حافلة بالتلاوة والإنشاد، المسرح والفنون التشكيلية، في مبادرة تسعى للحفاظ على الموروث الثقافي وتعزيز مكانة المدينة كمركز إشعاع ثقافي وروحي.
في صدارة هذا البرنامج المتميز، تتألق مسابقة التلاوة والترتيل والسماع، المنظمة بشراكة مع المجلس العلمي الأعلى، حيث تجمع بين أجمل الأصوات في فنون التلاوة والإنشاد الديني. انطلقت فترة استقبال الترشيحات بين 24 فبراير و4 مارس، لتبدأ التصفيات من 6 إلى 16 مارس، في أجواء يسودها التنافس والإبداع، وصولًا إلى الحفل الختامي في 20 مارس بالمركب الإداري والثقافي لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، حيث سيتم تتويج الفائزين وسط أجواء روحانية خاشعة.
ولا يقتصر الاحتفاء برمضان على التجليات الدينية، بل يمتد إلى فضاءات الفن والإبداع، حيث يشهد المسرح حضورًا قويًا من خلال عروض مسرحية ستُقام ابتداءً من 8 مارس في المراكز الثقافية بالفداء، الحي الحسني، والمعاريف. هذه العروض، المستلهمة من شخصيات مغربية تاريخية، ستقدم برؤية تمزج بين الحداثة والأصالة، مانحة الجمهور فرصة لإعادة اكتشاف المسرح كنافذة على التراث والحوار الثقافي. وستختتم العروض يوم 27 مارس تزامنًا مع اليوم العالمي للمسرح، في احتفالية تبرز دور الخشبة كجسر بين الماضي والحاضر.
أما عشاق الفنون التشكيلية، فهم على موعد مع ورشات إبداعية في الخط العربي، الفخار، والرسم، تُنظم كل نهاية أسبوع بشراكة مع المدرسة العليا للفنون الجميلة بالدار البيضاء (ESBAC). بإشراف خبراء في المجال، ستتيح هذه الورشات للمشاركين فرصة الغوص في عوالم الفن التقليدي وتطوير مهاراتهم بأساليب حديثة تواكب روح العصر.
لتبلغ الأجواء الرمضانية ذروتها، سيكون محبو السماع والمديح على موعد مع ليالي إنشادية تستحضر عذوبة الصوت الصوفي وسحر المديح النبوي. تنطلق السهرات يوم 10 مارس مع سعد الكوهن، وتتوالى مع بلال الهوّاج وإبراهيم شريف وزاني، قبل أن تُختتم يوم 18 مارس بصوت علي المديدي، في أمسيات ستأسر القلوب وتنثر في الأرجاء أجواء روحانية خالصة.
بهذا البرنامج الغني والمتنوع، تدعو الدار البيضاء للتنشيط والتظاهرات ساكنة المدينة إلى تجربة رمضانية استثنائية، حيث يلتقي الفن بالإيمان، وتتحول البيضاء إلى فضاء نابض بالحياة، يعزز قيم التأمل والإبداع والتواصل. رمضان هذا العام ليس كأي عام، فهو فرصة لاكتشاف روعة التراث المغربي في أبهى صوره، وإعادة إحياء العادات الثقافية بروح متجددة، تجعل من الدار البيضاء منارة للثقافة والفن طوال الشهر الفضيل.