راديو إكسبرس
البث المباشر

هيئة التحرير/
تحت الرعاية السامية لصاحب السمو رئيس الدولة، أعلنت جائزة الشيخ زايد للكتاب، في دورتها التاسعة عشرة، عن أسماء الفائزين في فروعها المختلفة، ضمن فعاليات تنظمها دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، عبر مركز أبوظبي للغة العربية. وقد تميزت هذه الدورة بفوز مستحق للدكتور محمد بشاري، المفكر و الكاتب الاكاديمي المغربي الإماراتي، والأمين العام للمجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، بجائزة فرع التنمية وبناء الدولة، عن مؤلفه البارز:
“حق الكدّ والسعاية: مقاربات تأصيلية لحقوق المرأة المسلمة”
يشكل هذا المؤلَّف إضافة نوعية إلى المكتبة الفقهية والحقوقية المعاصرة، إذ يُعيد من خلاله الدكتور بشاري قراءة مفهوم الكدّ والسعاية برؤية تأصيلية تجمع بين قوة المرجعية التراثية وعمق النظر المقاصدي. ويعالج الكتاب مسألة العدالة المالية داخل مؤسسة الزواج، انطلاقًا من اجتهادات راسخة في المذهب المالكي وغيره من المدارس الفقهية، ليُبرز كيف يمكن لهذا المفهوم أن يشكل أساسًا قانونيًا وأخلاقيًا لضمان حقوق المرأة في الثروة المكتسبة خلال الحياة الزوجية، استنادًا إلى مشاركتها الفعلية وجهدها في تنمية المال الأسري.
ويأتي هذا العمل العلمي في سياق نقاش مجتمعي وقانوني متسع تشهده عدة دول عربية وإسلامية، حول وجوب ترسيخ الحقوق المالية للمرأة ضمن القوانين المدنية، لا سيما في حالات الطلاق أو وفاة الزوج، بما يضمن كرامتها ويعزز تماسك الأسرة. وقد تميز الكتاب بقدرته على المواءمة بين مقاصد الشريعة ومقتضيات العدالة الاجتماعية، في إطار خطاب علمي رصين، ينهل من التراث دون أن يُغفل ضرورات الواقع المعاصر.
وفي أول تصريح له عقب فوزه، قال الدكتور محمد بشاري:
*”هذا التتويج ليس مجرّد اعتراف بجهد فردي، بل هو تكريم لروح الاجتهاد المقاصدي حين يُستنطق التراث ليقدم أجوبة دقيقة وعادلة لأسئلة العصر. فحق الكدّ والسعاية ليس بدعة مستحدثة، بل أصل فقهي عريق آن أوان تفعيله عبر نصوص وقوانين منصفة تحفظ للمرأة حقها دون تعارض مع جوهر الشريعة.
ويمثل الدكتور محمد بشاري، الكاتب المغربي الإماراتي، واحدًا من أبرز المفكرين المعاصرين في مجال الفقه المقاصدي والعلاقات الدولية، وله مساهمات واسعة في تعزيز قيم التعدد والعيش المشترك، كما يشغل منصب الأمين العام للمجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، ومقره أبوظبي، حيث يعمل على دعم مبادرات التفاهم الحضاري ومناهضة خطاب التطرف.
وتُعد جائزة الشيخ زايد للكتاب من أرفع الجوائز الأدبية والفكرية في العالم العربي، حيث تكرّم الأعمال التي تمزج بين الأصالة والابتكار، وتسهم في ترسيخ قيم الدولة الوطنية، ورفع منسوب الوعي الثقافي، وتعزيز كرامة الإنسان في سياق معرفي إنساني راقٍ.
وبهذا التتويج، يثبت الدكتور محمد بشاري أن الاجتهاد الفقهي حين يُزاوج بين الأصول والمقاصد، يتحول إلى قوة اقتراحية خلاقة قادرة على ملامسة قضايا الناس، والدفاع عن إنسانيتهم، وصون كرامتهم في ضوء منير من روح الشريعة ومقاصدها.


![]()







