وجهة نظر

وجهة نظر

- ‎فيرأي, واجهة
IMG 20250415 WA0039
إكسبريس تيفي

 

رؤية/ميمونة الحاج داهي

لماذا يجب تصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية؟ سؤال لم يعد يندرج ضمن فضاء الرأي أو التقدير السياسي، بل أخذ يفرض نفسه بإلحاح متزايد في ضوء تحولات ميدانية ووقائع قانونية وأمنية تستدعي قراءة جديدة لطبيعة هذا الكيان وأدواره المتشابكة في منطقة تعج بالتحديات المعقدة.

إن تصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية ليس إجراءً سياسياً ظرفياً، بل ضرورة نابعة من منطق القانون الدولي ذاته، بدل أن تُقاس الجماعات بشعاراتها يجب أن تقاس بأفعالها، وتأثيرها على السلم والأمن الدوليين. فمنذ تأسيسها، لم تكن البوليساريو حركة تحرر خالصة، بل كيانًا مسلحًا تأسس خارج إرادة الساكنة المحلية، وتغذى من هندسات الحرب الباردة، مستندًا إلى الدعم اللوجستي والاستخباراتي الذي وفّرته الجزائر وكوبا وليبيا القذافي، في إطار استراتيجية تقويض الوحدة الترابية للمغرب باسم “تقرير المصير”، الذي فُرغ من معناه القانوني والسياسي عبر توظيفه خارج سياقه التاريخي والجيواستراتيجي.

ما يضع البوليساريو اليوم تحت طائلة التصنيف كمنظمة إرهابية هو تحولها من فاعل سياسي إلى أداة هجينة توظف العنف الممنهج، وتحتضن أجندات معادية للاستقرار الإقليمي. فالجبهة لم تُلقِ السلاح، بل أعادت تكييفه ضمن منطق الجماعات المقاتلة غير النظامية التي تشتغل خارج القانون الدولي الإنساني، وتمارس الابتزاز، وتحتمي بالسكان المدنيين في مخيمات تندوف، وهي منطقة خارجة عن ولاية الدولة الجزائرية قضائيًا، ما يجعل منها مساحةً رمادية تُستغل لتجنيد القاصرين وتسهيل مرور شبكات التهريب العابرة للحدود. وهذه الممارسات، وفق القانون الدولي، تدخل ضمن تعريف “الإرهاب غير الدولي” ، الذي توسع منذ أحداث 11 سبتمبر ليشمل الكيانات غير “الدولتية” التي تستخدم القوة المسلحة ضد أهداف مدنية لتحقيق أغراض سياسية.

إلى جانب الأبعاد القانونية، فإن السياق الدولي الراهن يجعل من تصنيف البوليساريو أداة وقائية لأمن جماعي مهدد. إذ إن تقاطعها مع إيران، عبر ميليشيا حزب الله، والدعم العسكري والمالي الذي تتلقاه لوجستياً، يضعها ضمن شبكة معولمة من “الوكلاء المسلحين” الذين يتحركون ضمن عقيدة هجينة توظف القضايا المحلية كستار لصراعات النفوذ. كما أن التنسيق غير المعلن بينها وبين مجموعات إرهابية تنشط في الساحل، مثل “نصرة الإسلام والمسلمين”، يجعلها طرفاً فعليًا في تهديد الأمن المغاربي – وهي فرضية تتقاطع مع تقارير استخباراتية غربية، وبدأت دوائر صنع القرار الأمريكية، كما يظهر في مبادرة السيناتور جو ولسون، تأخذها على محمل الجد.

وعليه، فإن تصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية لا يُعَد استهدافًا سياسياً، بل تصحيحًا قانونيًا لوضع شاذ يستغل فراغات السيادة، ويقوض كل المساعي الأممية نحو حل سياسي واقعي. بل هو أيضًا، من منظور القانون الدولي، تفعيل لقاعدة “حماية السلم” ضد الكيانات التي ترفض الامتثال للمسار التفاوضي، وتصرّ على استخدام العنف واحتجاز المدنيين كرهائن لمشروع انفصالي تجاوزه الواقع، ورفضه القانون.

يتبع..

رؤية/ميمونة الحاج داهي

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *