نحن شعب له نمط عيش يتناقض كليا مع فكره،
فكرنا يسبح في عالم افتراضي وآخر منسوج في خيالنا. الأول عالم نحترمه و نقدسه، أما الثاني الذي فهو أكثر آدميه،و نحن نعشقه في الخفاء.
إن الزوج التقليدي الصارم مع زوجته ، الذي يلزمها بإخفاء مفاتنها و تغطية كل شعرة من رأسها، تجده مداوما على صلواته الخمس، و حريصا على كل بنذ ديني بدقة، هو نفسه ذلك الزوج الذي يتخذ عشيقة يعيش معها كل الحكايات، و يسمح لنفسه معها بكل الدعابات حتى ما حرم منها في دينه …
فكثيرة هي القصص التي افتضحت و لم تقتصر فقط على أوساط إجتماعية معينة.
و رغم كل ما تحمله المسألة من تناقض،فنحن في قلب الإزدواجية نعتبر أنفسنا قدوة ، علما انه، ولا استثناء في القاعدة أننا شعب يستعمل المراوغة و الأكاذيب كاستراتيجية يومية للتواصل على المستوى المهني وفي حياتنا اليومية …
حياة مزدوجة، أفعال ازدواجية ، هذه هي القاعدة. نمط حياة جماعي و لكن سري، و الحقيقة لا تقتسم إلا مع اشخاص جد مقربين يعيشون بنفس الازدواجية . .
هذه الظاهرة متأصلة حتى أن من يراقبها يكاد يضن أنها جينية،
و لكن الانتقال البيولوجي أو الجيني يبقى فرضية لا يمكن دحضها أو قبولها إلا من خلال دراسات نظرية وتجارب.
إنها عولمة الفكر وتوحيده يا سادة، لها سلاح سري استعملته على مدى قرون. استعملت خطابا دينيا جعلنا نعيش في عالم خيالي مثالي، أبطاله الحقيقيون أموات و لكنهم ظلوا يحكمون فكرنا خمسة عشر قرنا.
لقد علمونا كيف نفكر و لازالوا يفعلون ، علمونا كيف نأكل و كيف ننام، كيف نحب و كيف نمارس حميميتنا….. عالم ظل أبطاله أحياء لقرون و فرض نفسه كعالم كامل مكتمل مفروض لأنه من صنع الله أوصى به عباده الصالحين… ..
أما الحياة الثانية التي نعيشها، فإنسانيتنا فرضتها رغم أنها تتعارض كليا مع ما يسكن عقولنا من ثقافة موروثة.
أصبحت هذه الحياة الواقعية حاضرة أكثر فأكثر لأن أنظمة الإتصال من خلال وسائل الإعلام المختلفة التي غزت حياتنا الأكثر حميمية تجعلنا نكتشف أنماط حياة الشعوب الأخرى، فقالوا غزانا الغرب و زعزعت العقيدة. في الواقع لم يخلق هذه الحياة الثانية الجميلة إلا إنسانيتنا و طبيعتنا البشرية.
…ففي داخلنا يتعايش عالمان نقيضان، الأول يحكمه ضمير ديني، و الثاني يعكس حقيقتنا البشرية.
نحن نعيش في تناقض و في خداع جماعي كلنا تقبله بين انفصام ثقافي و فساد فكري.