عندما صرح شباط في 2015 أن حزب العدالة والتنمية بقيادة عبد الإله بنكيران يستخدم حوالي 300 شخص في الفايسبوك للدفاع عن أفكاره ومهاجمة خصومه، نفى حزب المصباح وجود أي جيش إلكتروني تابع للحزب أو الشبيبة، و اعتبر حينها أن الاتهام هو فقط محاولة ﻹيهام الرأي بأن شبيبة الحزب مدفوعة الأجر.
اليوم و الساحة السياسية تعيش بداية التسخينات قبيل انتخابات 2021, تشهد مواقع التواصل الاجتماعي أعنف المشادات و أغربها لتصحح و تفسر بعض الحقائق و تجعلنا نطرح عدة تساؤلات، أولها، ما مصير هذه الصراعات و إلى ماذا قد تفضي من تحولات في موازين القوى و كيف تؤثر في ترسيخ الوعي السياسي و صناعة العقول؟
ليس الغريب استعمال العالم الافتراضي في تقوية الموقف السياسي و التعبئة من أجل التحضير للحملات الانتخابية، فذلك أمر مشروع و الدور الذي قد تلعبه شبكات التواصل في تنمية الوعي السياسي لدى الشباب هو أيضا امر محسوم، إضافة إلى أن ما نشهده اليوم من نقاش داخل قبة البرلمان يعطي شيئا من الشرعية و الجدية للمطالب التي يعبر عنها “شعب الفايسبوك”. فلقد تبث أخيرا ان الشبكات الافتراضية تصنع رأيا عاما و به وجب الأخذ، و على ما يبدو هذا هو المعطى الجديد الذي لاشك في أن الأحزاب ستكثف قواها لتدارك التأخير فيه
فحزب العدالة و التنمية هو الحزب الوحيد الذي كان سباقا في إكتساحه.
الواقع أن هذا كله أمر إيجابي بالتأكيد بشرط أن تتصرف الأحزاب بمسؤولية و أن تخلق رقابة فعلية على الأحزاب في هذا المجال.
إن شبكات التواصل الاجتماعي سيف ذو حدين، و الجانب المضلم منه مدمر للمجتمعات،لأنها و ببساطة أقرب وسيلة لتجنيد الميليشيات التي قد يكون دورها التوعية و الخطاب الرامي لتحقيق التنمية، وجعل الحرية و العدالة و التسامح و محاربة الفساد قيما منشودة من كل أبناء الوطن، و قد يكون دورها التعبئة لأيديولوجية مسمومة و تلميع صور أفراد.
ففي الحالة الأولى عمل المليشيات عمل إيجابي يجب أن يعتد به في صف المهام المواطنة و النبيلة، و في الحالة الثانية، الحملات تكون ممنهجة و الردود قاسية همها الوحيد الدفاع عن مواقف أفراد لهم نفس الاديولوجية و هذا طبعا يسمى تطرفا، فما يحكمه هو منطق الجماعة وخطابه الأحادي لأنه التفاف حول أيديولوجية تفرق في نهايتها، و لا توجد في العالم أيديولوجية حققت الاجماع .
لذلك،وجب التفكير مليا في قدر الحضور السياسي الذي يطمح له الكل و كيفه، و لا محال أن تشديد مراقبة الاستعمال السياسي أمر يحمي شبابا قد يستعمل و تستغل أحلامه فيتم تلقينه خطابا مغلفا بسكر الوعود.
لأنه و ببساطة في هذه الحالة، لن يحتاج بعضهم حتى لدفع الأجور مقابل الخدمة فالنتيجة الحتمية لهذا النوع من التعبئة هي صناعة عقول نائمة لا تفكر اطلاقا بمنطق العقل لأن العقول النائمة يتم تشكيلها و صناعتها بمنطق الجماعة الذي لا يعلى عليه .