فاس… الحجّ الإفريقي

فاس… الحجّ الإفريقي

- ‎فيجهات, واجهة
Photo zaouia tijania 2
إكسبريس تيفي

لفاس وجوه ووجوه، تاريخ على طرف كل لسان وكتاب، ليس في حاجة لسرد وسرائد… ومادامت لازمة ” فاس والكل في فاس” وجها لكل ملامح المدينة الإدريسية، فمن الكل فيها، إفريقيا…

طريق صوفي قديم، يعبره الحجاج، تجاراً ومتعبدين، من أقاصي الجنوب الإفريقي إلى عاصمة العلم والعلوم، طريق منحوت؛ من دكار إلى فاس، جيئة ورجعة.
هذا تاريخ، والحاضر مازال تاريخا؛ متروك بعض منه في أزقة فاس الضيقة، الضيقةِ حيزاً لا ثقافةً، مازال على ناصية ” درب ضريح سيدي أحمد التيجاني” ، أو الزاوية، المقفلة هذه الأيام بسبب معلوم؛ جائحة كورونا، لكن حولها مفتوح، يتمازج وينصهر في الحياة الإنسانية…

مدام ديوب… عرّابة الحي

تُدفن الإبرة في أرض الثوب، ثم تحيا من جديد، تشرئب لترسم خيطا بديعا بلون السينغال…

WhatsApp Image 2020 11 01 at 1.45.30 PM 3

صورة مشهدية مفصلة، تعيشها ” مدام ديوب”، نهاراً، جالسة ساعةً، وساعةً واقفة تطبخ طبقا من سان لوي أو دكار، عليه وجه من الضيافة السينغالية، أو ” لاتيرانغا” كنعت منعوت.
في سمرة مدام ديوب، ضوء شمس إفريقيا المشعة، تجالسها يمينا ابنتها، تفعل الشيء نفسه، تطرز زهراً مُنسجا على الثوب.
” أعمل هنا في مطعمي هذا الناشئ، أقرُب الزواية لأجل زبناء من بلدي وغير بلدي، يحبون أطباقي، وحبات الكسكس الرطبة، من صنعي يدي، قوامها حبوب الدخن ( إيلان بالعامية)”
تقول مدام ديوب كلامها هذا بخجل وتبتسم، لاتحب كثيرا عدسة الكاميرا، لكنها تقول أي شيء وبقلب مفتوح.

” في السنغال ينادونني بمدام ديوب، لكن هنا معروفة بفاطمة، أو فاتو على سبيل الاقتضاب وسعيدة بالاسمين بأي حال، بينما زوجي يناديني بالاثنين”.

 

تصاحب كلام “فاتو” نظراتٌ وديعة بينها وبين ابنتها… وفي الجوار، على طاولة إسمنتية مركونة، خمسة دراهم وحيدة، تركها أحد الزبناء المغاربة، مُهراً من أجل الزواج، طلبا ليد الابنة اليافعة، تركها مازحا تصف، وبقيت في سكون.

حكت ذلك وهي ضاحكة الثغر.

الزاوية التيجانية… حجة قبل الوداع

آخر حجة كانت للمريدين القادمين من عمق إفريقيا، وكل أصقاع العالم، حتى من أمريكا اللاتينية، كانت في مارس الماضي، حجة الوداع الأخير في انتظار عودة ميمونة…

ملايين المريدين التيجانيين يحجون إليها من كل فج بعيد، مواسمهم حولية، كل سنة هم في زيارة ، أو زيارتين أو ثلاث. يعرفون بعضهم بعضا، مليا وجليا،
في السكن وعند الوجبات يجتمعون أحبابا، وحين تتعالى الأصوات صداحة في ليالٍ حية بالذكر، يزيدها حياةً بخور منفوث.
الحديث معه جرى في مطعم توازي سطحه مئذنة الزاوية فيروزية اللون، الكثير مما كتب، يدرك تفصيله الصغير، الجيلالي، نائب رئيس جمعية المثلث الذهبي تجار ومهنيي سيدي أحمد التيجاني.
” في مطعمي هذا الذي يتألف من طابقين، كان الحديث يطيب معهم، وماطاب ولذّ من أطباق بلد ” لاتيرانغا” أطبخه لهم، ومنهم من كان يحسب المطعم بيتا ثانيا، إذ يمضي قيلولته هنا”
يتحدث الجيلالي بنبرة شوق وحنين عن حاضر فقدَ ماضيه، يملؤه الرجاء لحال أفضل في الآتي من الأيام، ضد كساد طال زمنه، يقول رب المطعم.
ويقول كذلك، عطفا على أحاديث عفوية وخاصة لإكسبريس تيفي، تتابعون الكثير من تفاصيلها “ذات الشجون” وبصيص من أمل، مصفوفةً في النسخة التلفزيونية الإلكترونية للصحيفة. عوداً، يقول بإجابة الواثق ” لماذا لم تفتح الزاوية بعد، الزاوية هي روح فاس الإفريقية، نملك كنزا حقاً”…

في فاس… باب باسم إفريقيا

لفاس ثمانية أبواب، ومثيل وفصيل وقبيل من الأبواب، كلها تاريخ، لكل اسم تاريخ، وفي المخطوط التاريخي الكثير وما بطن…
معروف عن الأسماء ثابتة، تبقى لصيقة منذ أول نداء وزفة، لكن الجديد هو أن أحد أبواب فاس العتيقة، بوابة “واد الزحون”، المفضية إلى دروب الزاوية المنعرجة، سيسمى باسمها، باسم إفريقيا تماماً.
يعود الجيلالي من جديد ليقول:
” فكر المجلس الجماعي للمدينة بتغيير اسم البوابة، ليصير اسمه الجديد ” باب إفريقيا إسوةً بالمريدين والضريح والإخوة الأفارقة”.
في الغضون، يقدم تعليله:
” الكثير من الدكاكين وليدة للزاوية، فُتحت من أجل حاجة في نفس المريدين التيجانيين، من أجل شراء القباقيب التقليدية والجلابيب والبهارات وزيت الأركان، يُعجبون حقاً بأشياء فاس، ومن الطبيعي أن يسمى الباب باسم رقعتنا”

يصف الجيلالي هذا بالغريب…
وما ليس بغريب، اللازمة الشعبية التي يدريها القاصي والداني، ومغربيًا يُعبر عنها ب:
“حج وحاجة” …

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *