فاس… أُمّ الرقم 8

فاس… أُمّ الرقم 8

- ‎فيجهات, واجهة
1864E22B C152 4158 BBD7 94770673A4A3
إكسبريس تيفي

العالم أرقام، لا ينتهي تعدادها، تزيد وتنقص، تتضاعف، تتضاءل، لكنها دوما في حركة…

في مدينة فاس، تتسارع العقارب، مثل كل الأمكنة، يتجوفها الزمن وساعاته، اللافت في فاس، وغير اللافت في الآن نفسه، رقم وحيد؛ ثمانية، يتكرر دونما مرة، على الأدراج، في الرياض، على أسقف البنايات، خلف الأبواب… وتطول القائمة وما بطن كان ثمانية كذلك.

رياض فاس والكل في فاس… رياض 8

من ” الصواب” الفاسي، وما يلفه من مجاملات رقيقة وحفاوة أنيقة، “مناديل
الزهر”، تسبق الولائم وتصحب الترحيبات، تُجعد على الأيدي، وتمسح ما علق بها من ” طفيليات” الرياح.

المشهد يعاود عند كل ضيافة فاسية، ومشخصوه يتمركزون في قلب الصالة، المفترشة لثوب بنشريف الشهير، والمرصعة بثريا النحاس المصقول أعلى…
النظرة إلى الأعلى، الأولى خاطفة، والثانية عائمة؛ والثالثة فاحصة…
تتجلى الثريا النحاسية المتوهجة دالية تُشِع، تستدير تباعاً رؤوس نحاسية أسطوانية بها نقش ظريف، عددها ثمانية!
أسفل الثريا، استقبال فاسي حار…
تُطرز العبارات على اللسان، وتجاور أطباقا تحمل روح صانعها، مقبلات لافتتاح وجبة عشاء دسم.
تتجاور الصحون على المائدة، عددها كذلك ثمانية! والضيوف أقل من ثمانية.
تتصارع مذاقاتها وتتصالح، صحنان للمخلل، المواليان للحلو، حامضان يلسعان، ومالحان في النهاية.
وفرغت المقبلات الثماني سريعا للذتها، التي تبدأ في النضج منذ الثامنة ليلا.

أبواب ونجمات… ثمانيات

من الساحل إلى الساحل، طريق وطنية رقم 8، تربط الأطلسي بالمتوسطي، تربط الصويرة بالحسيمة، وتتوسط الطريق فاس، وتتفرع الطرقات، بنفس المسمى ثمانية، من فاس…
كل الأشواق تؤدي لفاس وضاحيتها، عبر طريقٍ رقمها ثمانية، في مدينة الأبواب الثمانية، حيث لكل باب حكاية، والأسماء كلها تاريخ، مدونة على المخطوط والمُترَب.
عتبة باب بوجلود بللها مطر خريفي، خفيف الزفرة والقطرة، في الجوار بعد خطو قصير، “وادي الجواهر”، لا يكتنز جواهر، بل ماء هائجة عاصفة صفحاته.
في متاجر النحاسيات، علامات مميزات، للمدينة ولتاريخها القديم، نجمات، ثمانيات، تنجلي خلف النحاس، تطل تحفه عبر شقوق تبرق.
النجمة ذات ثمانية رؤوس، تعتلي أسقف المساجد عبر شريط متماثل، أو على الجدران، روحها جبص وألوان في غالب الأحيان.
علامة تحمل تاريخا إسلاميا معماريا حافلا، وشكلا زخرفيا ثمانيا دقيقا، تذهب بعض الروايات التاريخية إلى تشبيهه بنور الشمس، عند العراقيين القدامى تحديدا.

فرنسا في بحث عن ثمانية الفاسية وحكايات الجنة…

تتربع النجمة الثُمانية ساميةً على حيطان أقدم جامعة بالعالم؛ جامعة القرويين العريقة، نجمة في تفاصيلها توحيد لحضارات إنسانية وديانات ماضية وآنية، وعلى مبعدة مسافة قصيرة جغرافيا، وفي فنادق لا تغترب عن بعضها هندسةً، ترتقي عين النجمة أدراج السلالم قبل الأقدام.
وعلى بعد زمني، صُور فيلم وثائقي قبل نهاية الألفية الفارطة بقليل، بفاس العتيقة، كانت الصحافية ترافق أحد سكان المدينة القدامى مشيا على بلاط الأزقة، نحو قصر معتقة دفّاته، ومهلهلة ستائره.
خلف سوره، ربوة مزهرة، خضراء، دروبها شجر مثمر، أرضها فسيفساء ونجمات ثمانيات ردائها زليج فاقع.
ختم وارث القصر بشيء من ثمانية:
” 8 في فاس، معناها عميق، بدءً من تأسيس الحاضرة عام 808 ميلادية، فمرتان من ثمانية، وثمانية؛ تيمنٌ بأبواب الجنة الثمانية”.

قبل النهاية:

شوهد جزءٌ من الشريط الوثائقي( لأن الشريط الكامل ليس في صندوق اليوتوب)  بعد الفراغ من زيارة فاس، بعد أن مرقت ثمانية إلى الذاكرة وأثارت المدارك.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *