اللقاح و نظرية المؤامرة

اللقاح و نظرية المؤامرة

- ‎فيبكل حرية, واجهة
0
downloadfile 1

       أنا أفكر إذن أنا موجود-  ديكارت

                                      

           عبارة ديكارت هذه تبدو واضحة و بديهية ، و لكن البرهنة عليها ضروري و هي بداية الأنوار و التقدم البشري و بداية الثقة في العقل لحل المسائل و لو بدرجة أكثر وثوقا و انفتاحا.

التشكيك في كل شيء بدأ مع الفلاسفة السفسطائيين قبل سقراط الذين شكوا في كل شيء بزعمهم أن الحقيقة لا يمكن الوصول إليها بتاتا،  و بالتالي فكل شيء نسبي  إلى أن شكوا حتى في وجود الإنسان ذاته.  تصدى سقراط طبعا لهدا الفكر الذي و هو يريد تأكيد ذاته يفندها مباشرة ؛ كل شيء نسبي ؛  إن كانت العبارة صحيحة فهناك حقيقة مطلقة و هي العبارة نفسها التي تدعي أن كل شيء نسبي..و إن كانت العبارة خاطئة فلا داعي لنفيها أصلا.  ثم جاء أب الفلسفة الحديثة ديكارت الذي دعا للشك و شك  في وجوده لمقارعة السفسطائيين  فانتهى إلى عبارته الشهيرة ؛ أنا أفكر إذن أنا موجود ؛ حيث يمكن الشك في كل شيء إلا الشك في  الشك و من هنا برهن على وجوده من خلال التفكير؛ الشك في الشك ؛

مناسبة هذا الكلام هو من اجل تحليل نظرية المؤامرة ، أي الشك في كل شيء، التي أصبحت تغزو الكثير من الأدمغة في الشرق و الغرب وخصوصا عندما طال الشك  وجود فيروس كورونا أولا بل و التأكيد على عدم وجوده إلى آخر مستجد و هو الشك في  اللقاح الذي اعتبره البعض مصنوعا لغرض التحكم في البشر، ما يعني أن البشر سينقسمون إلى جزأين، ناس و روبوتات، إن صح التكهن. صحيح أن  الشك مطلوب من اجل الوصول للحقيقة  كما يقول أبو حامد الغزالي ، من لم يشك لن ينظر و من لم ينظر لن يبحث و من لم يبحث لن يصل لليقين ، إلا أن من يؤمن بنظرية المؤامرة  لا يشك حقيقة بل يؤكد لأول وهلة ما سمعه من الآخر و يستعين بعقل الآخر من اجل أن يستريح و لا يبحث…البحث هنا يعني تلقي المعلومة ثم تفكيكها و تحليلها و ليس فقط تلقي المعلومات.

الفيروس كان غير موجود ثم أصبح موجودا بالنسبة للمؤمن بنظرية المؤامرة، لم يؤمن بوجوده إلى أن رأى الحالات أمامه.. المؤامراتي لا يؤمن إلا بما يرى أو يلمس و بالتالي فهو بعيد جدا عن استعمال العقل و الذهاب بعقله إلى آخر شوط  ،و لهدا تجده ينكر وجود كل شيء لم يجربه أو لم يره ، شكه حسي و  مقلد و ليس منهجيا كالشك الديكارتي.

وبالتالي فمن بين أسباب العقلية المؤامراتية نستطيع أن  نورد ؛

ــــ عدم  استعمال العقل إلى آخر شوط.

ــــ الكسل حيث الإنسان يميل للراحة و الدعة بما أن التفكير مرهق.

ــــ عدم تحمل مسؤولية الفشل و إلقاء اللوم دائما على الآخرين و الظروف.

ــــ التعويض عن النقص كآلية نفسية تحمينا من تفوق المتفوق و ترد لنا الاعتبار و لو نسبيا.     ــــ  الإحساس بمركزية الأنا على حساب العالم و أن الذات مستهدفة دائما.

لا ننسى أيضا أن من بين الأسباب أيضا نجد فقدان الثقة عند المواطنين من المسئولين و المؤسسات الرسمية لدواعي كثيرة، و كثرة مصادر المعلومة مما خلق اضطرابا و حيرة ينجم عنها فوضى معرفية لم يعرف مثلها التاريخ البشري إلا في العصر الحالي، عصر التكنولوجيا.

قد يعارض احدهم و يقول؛ أ ليست هناك خدع و دسائس وقعت ؟ الجواب نعم  و لكن هذا يسمى تخطيطا  و لمواجهته من الأفضل استعمال العقل منهجيا بدل الدخول في متاهات الهلوسات و الإشاعات و الوساوس القهرية.

لماذا الإشاعات تنتشر بسرعة كالنار في الهشيم ؟ لأنها تستند على نقائص الناس و ضعفهم البشري و حاجياتهم اللاعقلانية، و كل ما يستند على النقص فهو ناقص و كل ما بني على باطل فهو باطل.

 

 ذ/ خالد بوخش

FB IMG 1605456160383

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *