باحدة عبد الرزاق
كشف تقرير حديث نشرته مجلة “لا ريفو أفريك” أن إيران زودت جبهة البوليساريو الانفصالية بنموذج جديد من قذائف الهاون لم تستخدمه الجبهة من قبل، ويأتي هذا التقرير كأحدث دليل على الجهود الإيرانية المستمرة لتسليح البوليساريو، متجاهلة تحذيرات المغرب من هذا النهج الذي قد يقوض استقرار المنطقة بأكملها.
وأظهر مقطع فيديو نشرته المجلة مقاتلي البوليساريو وهم يستخدمون قذائف هاون من طراز HM-16 لأول مرة، مما يؤكد صحة الاتهامات المغربية ضد إيران.
وفي السياق ذاته، أكدت صحيفة “تاغس شبيغل” الألمانية في تقرير نُشر مؤخرًا أن “علاقة النظام الإيراني بجبهة البوليساريو تستمر في التطور من خلال تزويد طهران لأعضائها بصواريخ أرض-جو والإشراف على معسكرات تدريب مسلحي الجبهة في الجزائر بالتعاون مع جماعة حزب الله اللبنانية الشيعية.”
وقد أدانت المملكة المغربية بشدة هذه التطورات، معتبرة أنها تشكل تهديدًا خطيرًا لأمن واستقرار المنطقة، وحذرت الرباط مرارًا من المحاولات الإيرانية لزعزعة استقرار المنطقة من خلال تزويد الانفصاليين بالأسلحة والطائرات بدون طيار.
وتجدر الإشارة إلى أن الدعم الإيراني للبوليساريو دفع المغرب إلى قطع علاقاته مع طهران في مايو 2018، وأكد وزير الخارجية ناصر بوريطة آنذاك أن “حزب الله اللبناني، المدعوم من طهران، انخرط في علاقات عسكرية مع البوليساريو عبر السفارة الإيرانية في الجزائر”، وهو ما اعتبرته المملكة تهديدًا لأمنها واستقرارها.
ويؤكد المغرب امتلاكه تقارير مفصلة وصور أقمار صناعية تظهر اجتماعات بين ممثلي حزب الله ومتمردي البوليساريو في الجزائر، كما أكدت تقارير استخباراتية سابقة صحة اتهامات المغرب ضد إيران، مشيرة إلى أن طهران تسعى منذ سنوات لتعزيز نفوذها في المنطقة العربية وشمال إفريقيا.
ويرى خبراء أن الهجمات الإرهابية التي نفذتها البوليساريو ضد بعض المدن في الصحراء المغربية تجسد نهج إيران في المنطقة العربية، مشيرين إلى أن طهران تقوم بتسليح وتدريب عملاء جدد لتنفيذ مهام نيابة عنها.
وتجدر الإشارة إلى أن المغرب، الذي يولي أهمية كبيرة لأمن واستقرار المنطقة، يربط المصالحة الدبلوماسية مع الجمهورية الإيرانية بدعم مبادرة الحكم الذاتي للصحراء. وقد منح المغرب إيران فرصة كاملة لتغيير سياساتها والتخلي عن دعمها لجبهة البوليساريو، والالتزام بالحياد الإيجابي في النزاع حول الصحراء المغربية.
ويبقى السؤال مطروحًا حول مدى استعداد إيران للاستجابة للمطالب المغربية وتغيير نهجها في المنطقة، في ظل تزايد العزلة الدولية للبوليساريو وتنامي الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي كأساس واقعي وعملي لحل سياسي يتماشى مع قرارات مجلس الأمن الدولي.