لن نخبركم أن تبون هو الفائز بالرئاسيات… لكي تستمتعوا بمشاهدة أطوار المسرحية كاملة!

لن نخبركم أن تبون هو الفائز بالرئاسيات… لكي تستمتعوا بمشاهدة أطوار المسرحية كاملة!

- ‎فيدولي, واجهة
تبون
إكسبريس تيفي

باحدة عبد الرزاق

في يوم انتخابي جديد ضمن مسلسل “الديمقراطية التبونية”، فتحت مراكز التصويت أبوابها هذا الصباح في الجزائر، لتستقبل الملايين… أو على الأقل، من بقي لديه صبر للعب دور في مسرحية باتت تفاصيلها معروفة للجميع. ثلاث دمى تتصارع ظاهريا على كرسي الرئاسة، والرئيس المعين عبد المجيد تبون يتصدرهم في هذا السباق… إن كان بالإمكان تسميته سباقا! بجانبه، يقدم لنا الجيش منافسين كوميديين، عبد العالي حساني شريف ويوسف أوشيش، ليتظاهر بأن هناك “ديمقراطية” تلوح في الأفق.

في هذه المهزلة الانتخابية، تتفاخر السلطات بتعداد 24 مليون ناخب، في حين أن 60٪ منهم لن يكلفوا أنفسهم عناء التصويت، لأنهم ببساطة يعرفون أن اللعبة محسومة منذ البداية. فتبون، الذي يصل إلى سن التقاعد  بدعم جبهة التحرير الوطني وحركة البناء، لا يحتاج حتى إلى حملة انتخابية. يكفي أن تظهر صورته مع بعض الوعود البراقة مثل توفير 450 ألف وظيفة وزيادة منحة البطالة، وكأن هذه الأرقام السحرية ستوقف الشباب عن “الحَرقة” والهرب من “جنة” تبون نحو أوروبا.

أما المفارقة المضحكة، فهي في تركيز المرشحين الثلاثة على الحديث عن الصحراء المغربية، وكأن هذا الملف هو ما سيخرج الجزائر من مشاكلها الاقتصادية والاجتماعية. طبعا، هذا التوجه يُرضي أسيادهم في الجيش الذين لا يحتاجون سوى لضمان ولاء هذه الدمى، لتبقى المسرحية مستمرة لعقود قادمة.

لا تتوقف عجائب الانتخابات الجزائرية عند حدود المسرحيات السياسية، بل تتجاوزها إلى فصول جديدة من “الإبداع الديمقراطي” الذي ابتكره عجائز الجيش، حيث يصبح الرئيس المنتخب مجرد موظف تنفيذي لدى المؤسسة العسكرية. فكل شيء معد مسبقا، من تعيينات الرؤساء إلى توزيع الأدوار على المرشحين الآخرين، الذين يبدو أنهم مجرد كومبارس في فيلم ممل يُعاد إنتاجه كل بضع سنوات. أما ما يُسمى بـ”السلطة المستقلة للانتخابات”، فهي مجرد واجهة أخرى تُستخدم لتزيين المشهد، فكيف يمكن لسلطة أن تكون “مستقلة” وهي تُدير انتخابات صورية تصب في صالح رجل واحد؟

وإذا كانت الديمقراطية في الجزائر مسرحية، فإن وعود المرشحين تصبح مشاهد هزلية. تبون، الذي يظهر وكأنه يمتلك عصا سحرية لحل مشاكل الجزائر المتراكمة منذ عقود، يعد بوظائف ومعونات ورفاهية، في وقت لا يجد فيه الكثير من الشباب أي مخرج سوى الهجرة غير الشرعية. المشهد الأكثر سخرية هو استغلاله للقضايا الكبرى مثل القضية الصحراوية، وكأن مناقشة هذا الملف سيحل جميع مشاكل الجزائريين اليومية. والحقيقة أن هذا التركيز يخدم فقط المؤسسة العسكرية، التي تحتاج إلى خلق عدو خارجي لتحافظ على قبضتها الحديدية داخل البلاد، بينما تواصل سحق أي صوت معارض أو منافس حقيقي تحت الأرض، سواء بالسجون أو بالترهيب المستمر.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *