باحدة عبد الرزاق
في أعقاب الانتخابات الرئاسية الجزائرية الأخيرة، برزت قضية مثيرة للجدل تتعلق بدور المؤسسات الدينية في العملية السياسية. وفقا لتصريحات وزير الشؤون الدينية والأوقاف يوسف بلمهدي، يبدو أن المساجد وأئمتها قد لعبوا دورا محوريا في دعم إعادة انتخاب الرئيس عبد المجيد تبون.
هذه التصريحات تثير تساؤلات عميقة حول مبادئ الديمقراطية وتكافؤ الفرص بين المرشحين في الجزائر. فبينما يفترض أن تكون المساجد أماكن للعبادة والإرشاد الروحي، يبدو أنها قد استخدمت كأدوات للتأثير السياسي. هذا الأمر يشكل انحرافا عن الدور التقليدي للمؤسسات الدينية ويثير مخاوف بشأن نزاهة العملية الانتخابية.
من المثير للقلق أن الوزير وصف مشاركة الأئمة في العملية الانتخابية بأنها “إسهام في إنجاح الاستحقاق الرئاسي” و”تفويت الفرصة على المتربصين بالوطن”. هذه اللغة تعكس توظيفا للخطاب الديني لأغراض سياسية، حيث يتم تصوير المعارضة السياسية كتهديد للوطن، مما قد يؤدي إلى تقويض مبادئ المنافسة العادلة والحوار الديمقراطي.
إن استخدام المنابر الدينية للترويج لمرشح معين يثير إشكالية أخلاقية وقانونية. فهو لا يتعارض فقط مع مبدأ الحياد المفترض للمؤسسات الدينية، بل قد يشكل أيضا انتهاكا لمبادئ تكافؤ الفرص بين المرشحين، وهو الأمر الذي جعل من التصويت على تبون في الانتخابات الأخيرة “فريضة”، خصوصا عندما يحولون الأئمة “الدعوة” من مفهومها الديني الى الانتخابي، وهذا يضرب في المنافسة الشريفة التي تعد ركيزة أساسية في أي نظام ديمقراطي سليم.
هذا النهج يثير تساؤلات حول الفرق بين ممارسات النظام الحالي وتلك التي ينتقدها لدى الجماعات الإسلامية السياسية. فكلاهما يبدو أنه يسعى لاستغلال الدين لتحقيق مكاسب سياسية، مما يضع مصداقية الخطاب الرسمي حول الديمقراطية والمساواة بين المرشحين موضع شك.
وتكشف هذه الأحداث عن الحاجة الملحة لإعادة النظر في كيفية ضمان نزاهة العملية الانتخابية في الجزائر. من الضروري ضمان استقلالية المؤسسات الدينية وحمايتها من التوظيف السياسي، وذلك لضمان تكافؤ الفرص بين جميع المرشحين وحماية حق المواطنين في اتخاذ قرارات سياسية حرة ومستنيرة، بعيدًا عن أي ضغوط أو تأثيرات غير مشروعة.