متابعة
في خطوة تثير العديد من التساؤلات، وقّعت الجزائر عبر سفيرها في واشنطن عقدًا مع شركة لوبيينغ أمريكية معروفة بعلاقاتها الوثيقة مع إسرائيل. تأتي هذه الخطوة في وقت تتبنى فيه الجزائر مواقف معلنة وداعمة للقضية الفلسطينية، مما يجعل هذا التعاقد مفاجئًا ومثيرًا للجدل، بالنظر إلى المواقف الرسمية السابقة التي اتخذتها البلاد في قضايا مشابهة.
في أوائل سبتمبر 2024، وقع السفير الجزائري في واشنطن، صبري بوقادوم، عقدًا مع شركة BGR Group (BGR Government Affairs, LLC)، وهي إحدى أكبر شركات اللوبيينغ في العاصمة الأمريكية، لتمثيل المصالح الجزائرية في الولايات المتحدة. يبدأ هذا العقد في 10 سبتمبر، وتبلغ قيمته 720 ألف دولار سنويًا، دون احتساب التكاليف الإضافية التي قد تتكبدها الشركة خلال تنفيذ مهامها.
وفقًا للوثائق المسجلة بموجب قانون FARA (قانون تسجيل الوكلاء الأجانب) الأمريكي، ستقوم BGR Group بتقديم خدمات في مجال العلاقات الحكومية والعامة لدعم العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والجزائر. وسيشرف على إدارة هذا العقد سكوت إيسنر، الرئيس السابق لمركز الأعمال الأمريكي الإفريقي في غرفة التجارة الأمريكية.
رغم أن توقيع عقود اللوبيينغ يعتبر أمرًا اعتياديًا في واشنطن، حيث يُعد جزءًا أساسيًا من العمل السياسي والدبلوماسي، إلا أن اختيار الجزائر لهذه الشركة تحديدًا أثار العديد من التساؤلات. السبب لا يكمن فقط في أن BGR Group تُعد إحدى أهم شركات اللوبيينغ، ولكن أيضًا في علاقاتها الوثيقة بإسرائيل. فمن المعروف أن الشركة تربطها علاقات متعددة مع شخصيات وشركات إسرائيلية، مما يثير الشكوك حول مدى انسجام هذا التعاقد مع السياسة الخارجية الجزائرية، التي طالما تبنت موقفا داعما للقضية الفلسطينية وأدانت بشدة أي تعاون عربي مع إسرائيل.
هذه الخطوة تكشف عن تناقض صارخ في المواقف الجزائرية، إذ لطالما عرفت الجزائر بانتقاداتها اللاذعة للدول العربية التي تقيم علاقات مع إسرائيل. والآن، يبدو أن الدبلوماسية الجزائرية قد وجدت نفسها في موقف متناقض، مما يفتح الباب أمام تساؤلات حول طبيعة المصالح الجزائرية وكيفية ملاءمتها مع مواقفها السياسية التقليدية.