تجاهل تبون بشكل متعمد الكوارث الصحية المتفشية في جنوب البلاد، كوباء الملاريا الذي يفتك بالمواطنين. كما أغفل الحديث عن الانهيار الاقتصادي الخطير، حيث تشهد أسعار المواد الأساسية ارتفاعا جنونيا، والعملة المحلية تهوي إلى مستويات قياسية، دافعة المواطنين إلى الهرولة نحو العملات الأجنبية كملاذ أخير.
بدلا من ذلك، انساق تبون في سيل من الهذيان التاريخي، مدعيا أمجادا وهمية للجزائر قبل الاستعمار الفرنسي. هذه المزاعم لا تعدو كونها محاولة بائسة لتزييف التاريخ، متجاهلا أن ما يتحدث عنه كان في الواقع جزءا من الإمبراطورية العثمانية، وأن الجزائر بحدودها الحالية هي نتاج للاستعمار الفرنسي الذي اقتطع أراضي شاسعة من المملكة المغربية.
وفي مشهد يثير الشفقة، بدا الإحباط جليا في حديث تبون عن علاقات بلاده مع فرنسا، خاصة بعد إلغاء زيارته لباريس للمرة الثالثة في أقل من عامين. كما عبر عن خيبة أمله من رفض انضمام الجزائر لمجموعة البريكس، متهما المجموعة بالتعسف في معايير القبول، في محاولة يائسة للتغطية على فشل دبلوماسي ذريع.
وفي تصعيد خطير للتوتر مع المغرب، أعلن تبون عن فرض تأشيرات على المواطنين المغاربة، مستندا إلى مزاعم واهية عن دخول جواسيس إسرائيليين بجوازات مغربية. هذه الادعاءات الفارغة من أي دليل تكشف عن عمق الأزمة التي يعيشها النظام الجزائري وحاجته الملحة لخلق أعداء وهميين لصرف الأنظار عن فشله الذريع.
إن هذا الظهور الأخير لتبون يؤكد بما لا يدع مجالا للشك انفصاله التام عن واقع الشعب الجزائري. فبينما يغرق المواطنون في بحر من الأزمات الاقتصادية والصحية، يختار رئيسهم العيش في عالم موازٍ من الأوهام والتبريرات الواهية، متجاهلاً معاناة شعبه ومصالح بلاده الحقيقية.