بعدما ظنت الجزائر أن قرار محكمة العدل الأوروبية بشأن اتفاقيات الصيد البحري والفلاحة، انتصار لها على الديبلوماسية المغربية، فجأة وجدت نفسها تعيش على وقع خيبة أمل كبيرة بعد ردود الفعل القوية للدول الأوروبية ضد القرار، ما أبان عن متانة العلاقات المغربية-الأوروبية.
فقد أظهرت الدول والمؤسسات الأوروبية رفضا شبه إجماعي وفوري لهذا القرار، مؤكدة على متانة شراكتها الاستراتيجية مع المغرب. هذا الموقف الأوروبي الداعم للمغرب أثار حفيظة الدبلوماسية الجزائرية، حيث عبر وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف عن استيائه في خطاب ألقاه يوم الثلاثاء 8 أكتوبر 2024.
وبدلا من الاحتفال بذكرى انضمام الجزائر للأمم المتحدة، ركز عطاف على انتقاد الموقف الأوروبي، متهما دول الاتحاد بتفضيل مصالحها الاقتصادية مع المغرب على حساب ما تعتبره الجزائر قضيتها الوطنية الأولى في الصحراء المغربية.
الرد الأوروبي كان سريعا وحاسما. فقد أكدت العديد من الدول الأوروبية، بما فيها فرنسا وهولندا وبلجيكا وفنلندا والمجر والبرتغال وحتى إسبانيا، على التزامها باحترام الاتفاقيات مع المغرب. كما أصدرت رئيسة المفوضية الأوروبية ورئيس الدبلوماسية الأوروبية بيانا مشتركا يؤكد تماسك الاتحاد في دعم وتعزيز العلاقات مع المغرب.
حتى البرلمان الأوروبي رفض إدراج موضوع قرار المحكمة في جدول أعماله، معتبرا إياه غير ذي أهمية. هذا الدعم الأوروبي القوي للمغرب زاد من إحباط الجزائر، مما دفع عطاف للعودة إلى أسلوبه الدبلوماسي المثير للجدل.
في محاولة للرد على الموقف الأوروبي، وقع عطاف في خطأ قانوني بخلطه بين مبادئ القانون المدني والقانون الدولي، مما أظهر محدودية فهمه للقانون الدولي. هذا الموقف الجزائري المرتبك يتناقض بشكل صارخ مع النجاح الدبلوماسي المغربي في الحفاظ على دعم شركائه الأوروبيين.
يبدو أن هذه الأحداث قد أكدت على قوة العلاقات المغربية-الأوروبية وصلابتها في وجه التحديات القانونية والدبلوماسية، بينما كشفت عن خيبة أمل وإحباط في الجانب الجزائري.