يواصل النظام الجزائري سياسته المتهورة في الإنفاق العسكري، وكأن البلاد قد حققت الرفاهية المطلقة لمواطنيها وبات همها الوحيد مواجهة أعداء وهميين. فقد تجاوزت ميزانية التسلح حاجز 25 مليار دولار في عام 2025، في وقت يرزح فيه سكان الجنوب الجزائري تحت وطأة الفقر والأمراض الفتاكة.
وفي مفارقة صارخة، يتم تخصيص مبالغ خيالية لشراء أسلحة روسية أثبتت فشلها مرارا وتكرارا، حيث شهدت المناورات العسكرية وحوادث التدريب سقوط العشرات من الجنود ضحية لهذا العتاد المتهالك. وبدلا من توجيه هذه الأموال لتحسين البنية التحتية الصحية والخدمات الأساسية في المناطق المحرومة، يصر النظام على الاستمرار في سباق تسلح أحادي الجانب.
إن زيادة ميزانية الدفاع بنسبة 10 بالمائة في بلد يعاني من أزمات اقتصادية واجتماعية متعددة لهو أمر يدعو للاستغراب والاستهجان. فكيف يمكن تبرير تخصيص 3349 مليار و514 مليون دينار للتسلح، في حين يفتقر المواطنون في مناطق عديدة لأبسط مقومات الحياة الكريمة؟
وفي ظل هذا الهوس الأمني، يتم تخصيص 11 مليار دينار لتأمين منطقة حدودية واحدة في ولاية جانت، وكأن التهديدات الحقيقية التي تواجه الجزائر تكمن في حدودها وليس في معاناة شعبها اليومية من الفقر والمرض والتهميش.
إن سياسة “العدو الوهمي” التي ينتهجها نظام شنقريحة ليست سوى ستار لتبرير نهب ثروات البلاد وإهدار مقدراتها في صفقات أسلحة مشبوهة. وكما قال الشاعر أحمد مطر في قصيدته الشهيرة “عباس”، يبدو أن صقل السيوف أصبح غاية في حد ذاته، بغض النظر عن وجود تهديد حقيقي من عدمه.
يبقى السؤال الملح: إلى متى سيستمر هذا النزيف المالي على حساب معاناة الشعب الجزائري؟ وهل سيدرك النظام يوما أن الأمن الحقيقي يبدأ من تحقيق الرفاه الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين، وليس من تكديس الأسلحة في المخازن؟