أنقذت الشرطة الإسبانية المعارض الجزائري والكاتب الصحفي هشام عبود، صاحب كتاب “مافيا الجنرالات”، من محاولة اختطاف فور هبوطه في مطار برشلونة. هذه الحادثة تمثل حلقة جديدة في سلسلة من الضغوط والملاحقات التي يتعرض لها المعارضون الجزائريون في أوروبا، حيث تشير الأدلة والشهادات إلى تورط المخابرات الجزائرية في هذه العملية، استنادا إلى اتهامات عبود السابقة التي اتهم فيها بشكل مباشر الأجهزة الأمنية الجزائرية بملاحقته وتهديده بسبب مواقفه المناهضة للنظام.
بحسب المعلومات المتوافرة، باشرت الشرطة الإسبانية التحقيق فور تلقيها بلاغا عن اختفاء عبود بعد وصوله من بروكسل. تمكنت الشرطة في وقت قياسي من تحديد موقعه وإنقاذه، وذلك في إطار جهود سريعة لمنع أي محاولة إيذاء إضافية بحقه. محامي عبود، دليل السكاكلي، أكد في حديثه لصحيفة “لاراثون” الإسبانية أن اختفاء موكله وقع يوم الخميس في برشلونة، معربا عن مخاوفه من أن السلطات الجزائرية تقف وراء الحادثة. هذه المخاوف ليست جديدة، إذ لطالما عبر عبود في فيديوهاته السابقة عن تهديدات مباشرة تلقاها من المخابرات الجزائرية التي تسعى إلى إسكات الأصوات المعارضة في الخارج.
الشرطة الإسبانية لم تصرح بعد بتفاصيل إضافية حول هوية الأشخاص المعتقلين، لكن وفقا لما ذكره الصحفي الجزائري عبدو السمار، فقد تم إنقاذ عبود وهو في حالة صحية سيئة، حيث كانت آثار التعذيب واضحة على جسده. وأفاد السمار أن الشرطة ألقت القبض على ثلاثة إلى أربعة أشخاص مشتبه في تورطهم في محاولة الاختطاف، دون الكشف عن جنسياتهم أو خلفياتهم، إلا أن التكهنات تشير إلى احتمال تورط أجهزة جزائرية أو شبكات إجرامية مرتبطة بها.
عملية الإنقاذ هذه تجدد الحديث عن الممارسات القمعية للنظام الجزائري في ملاحقة معارضيه حتى خارج حدود البلاد، وهو ما يعكس نهجا طالما اتسم بالعنف والإرهاب ضد الأصوات المنتقدة. هشام عبود، الذي يعد واحدا من أبرز الصحفيين والناشطين المعارضين للنظام العسكري في الجزائر، كشف في عدة مناسبات عن مدى تورط كبار الجنرالات في الفساد وانتهاك حقوق الإنسان، ما جعله هدفا مستمرا لأجهزة الأمن الجزائرية. عبود كان قد أشار في مقاطع فيديو سابقة إلى تلقيه تهديدات بالقتل والتصفية الجسدية من قبل هذه الأجهزة، وهو ما يعزز الفرضية القائلة بأن اختطافه الأخير في إسبانيا ليس حادثا معزولا بل جزءا من حملة منهجية لإسكات المعارضين.
هذا التصعيد في استهداف المعارضين خارج الجزائر يطرح العديد من التساؤلات حول مدى تأثير النظام الجزائري على الساحة الأوروبية ومدى التعاون الأمني بين الدول الأوروبية والجزائر في قضايا حساسة كهذه. كما يعزز من القلق بشأن سلامة المعارضين الذين فروا إلى الخارج بحثا عن الأمان، بينما تواصل السلطات الجزائرية استخدام كل الوسائل المتاحة للتضييق عليهم وملاحقتهم.
السلطات الإسبانية، من جهتها، أكدت أن التحقيقات جارية وأنها لن تدخر جهدا للكشف عن الحقيقة ومحاسبة المتورطين.