كشف الصحافي الجزائري المعارض أنور مالك عن تفاصيل مثيرة تتعلق بمحاولة اختطاف الصحافي هشام عبود، الذي نجا من عملية كانت تستهدفه بإشراف شبكة تابعة للاستخبارات الجزائرية. وفي تصريحاته الأخيرة أمس الاثنين، أكد مالك أنه تواصل مع عبود قبل اختفائه المثير للقلق، الذي وقع عقب مغادرته فرنسا إلى إسبانيا. وأشار إلى أن عبود، البالغ من العمر 69 عاما، اختفى بعد وصوله إلى مطار باراخاس في مدريد وتوجهه إلى وسط المدينة، ولم ترد أي معلومات عن مكانه منذ ذلك الحين.
هشام عبود، الذي كان في الماضي ضابطا في الجيش الجزائري وصحافيا بارزا، اضطر للهروب من الجزائر في 2013 بعد أن تعرض لضغوط وتهديدات مستمرة من النظام بسبب مواقفه المعارضة. هروبه عبر الحدود البرية إلى تونس كان بداية لحياته في المنفى بفرنسا، حيث استمر في نشاطه الصحافي وفي انتقاد النظام الجزائري، ما جعله هدفا دائما لملاحقات سياسية وقضائية.
النظام الجزائري لم يكتف بملاحقة عبود من خلال القضاء، إذ أصدرت محكمة جزائرية في فبراير 2020 حكما غيابيا بسجنه عشر سنوات بتهمة “الهجرة غير الشرعية”، بعد هروبه إلى فرنسا. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، ففي أبريل 2021، صدر حكم آخر بسجنه سبع سنوات من محكمة الشراقة، هذه المرة بتهمة “إفشاء معلومات سرية” على خلفية نشره تقارير عن مذكرة توقيف اللواء خالد نزار في سويسرا بتهم تتعلق بجرائم ضد الإنسانية.
إضافة إلى هذه الملاحقات القضائية، أصدر النظام الجزائري في 2021 مذكرة اعتقال دولية بحق عبود، متهما إياه بالانتماء إلى حركة “رشاد” التي تعتبرها الحكومة الجزائرية جماعة إرهابية. هذه الضغوط لم تثن عبود عن نشاطه، لكن السلطات الفرنسية رفضت تسليمه للجزائر، ما أدى إلى تصاعد التوترات بين باريس والجزائر.
عبود كشف في عام 2022 أنه كان هدفا لمحاولة اغتيال في بروكسل، واتهم مباشرة عناصر مرتبطة بالنظام الجزائري بتنفيذ هذه المحاولة. عبود كان دائما في مرمى النظام، ليس فقط بسبب مواقفه المعارضة ولكن أيضا لشجاعته في فضح فساد القيادات العسكرية، وخاصة الجرائم التي ارتكبها الجيش خلال فترة التسعينات في الجزائر، وهي فترة دموية تناولها بشكل مفصل في كتابه الشهير “مافيا الجنرالات”.
حالة عبود، الصحافي الذي يعتبر أحد أبرز الأصوات المعارضة للنظام العسكري في الجزائر، تعكس استراتيجية التخويف والترهيب التي يتبعها النظام ضد معارضيه، سواء داخل البلاد أو خارجها.