اهتزت مدينة جانت جنوب الجزائر على وقع حادثة مروعة تمثلت في ذبح سائحة سويسرية من الوريد الى الوريد يوم 11 أكتوبر الجاري. بينما كانت السائحة تستمتع بوقتها على شرفة مقهى محلي مع مجموعة من الأشخاص، قام رجل مسلح بمهاجمتها بشكل وحشي، حيث أقدم على ذبحها بسكين، لتلفظ أنفاسها الأخيرة متأثرة بجراحها بعد نقلها إلى المستشفى.
ما يثير القلق هو التعتيم الإعلامي الذي فرضه النظام الجزائري حول هذه الجريمة البشعة، حيث لم يتم الإبلاغ عن هذا الاعتداء العنيف لمدة عشرة أيام. وفي اتصال مع صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية، أكدت وزارة الخارجية السويسرية للمرة الأولى “أنها على علم بالوفاة العنيفة لمواطنة سويسرية”، معربة عن استيائها من الطريقة التي تم التعامل بها مع الحادثة، وخاصة من قبل السلطات الجزائرية التي تحاول، كما يبدو، إخفاء ملابسات الجريمة.
ما يجعل الوضع أكثر خطورة هو علاقة هذه الجريمة بظاهرة إيواء الكابرانات الجزائريين للجماعات المتطرفة والمليشيات المسلحة في الجنوب الجزائري. تواطؤ النظام مع هذه الحركات يزيد من تفاقم الوضع الأمني في المنطقة ويجعل البلاد عرضة لأحداث إرهابية مشابهة، في وقت تحاول فيه السلطة العسكرية استقطاب السياح لتطوير الاقتصاد، غير أن الواقع الأمني المتدهور يحول دون ذلك.
اعتقال السلطات لشخصين مشتبه بهما لم يفلح في طمأنة الرأي العام، خاصة وأن التعتيم الإعلامي والرسمي لا يترك مجالا للتفاؤل. يبدو أن هذا الصمت يعيد إلى الأذهان حقبة “العشرية السوداء” التي عاشتها الجزائر، حيث كان القمع والإرهاب يسودان البلاد في ظل حكم العسكر. اليوم، تبدو البلاد عالقة في ذات الدوامة، حيث تشكل حوادث إرهابية مثل هذه جرس إنذار بأن الأوضاع الأمنية لا تزال هشة، وتحت رحمة جماعات متطرفة تتلقى دعما وتسهيلات من النظام العسكري.
تتساءل وسائل الإعلام الدولية عن سبب صمت الجزائر إزاء هذا الحادث، وعن تداعيات سياسة النظام في التعامل مع الجماعات الإرهابية التي يبدو أنها وجدت في البلاد ملاذا آمنا، بينما المواطنون والسياح على حد سواء يدفعون الثمن غاليا.