ازدواجية النظام الجزائري في دعم حقوق الإنسان بين الشعارات والواقع المرير

ازدواجية النظام الجزائري في دعم حقوق الإنسان بين الشعارات والواقع المرير

- ‎فيدولي, واجهة
بن جامع
إكسبريس تيفي

يتجلى التناقض الصارخ في مواقف النظام الجزائري بين التعاطف المعلن مع معاناة النساء والأطفال في غزة ولبنان وبين تجاهله التام لمعاناة آلاف النساء والأطفال المحتجزين قسرا في مخيمات تندوف تحت وطأة مليشيات بوليساريو. ففي الوقت الذي يواصل فيه النظام الجزائري إطلاق دعوات لحماية المدنيين الفلسطينيين واللبنانيين من الهجمات، يتجاهل الوضع القاسي الذي يعيشه هؤلاء الذين يعانون تحت نير القهر والاستعباد في أراضيه.

خلال جلسة مجلس الأمن التي تناولت موضوع “النساء، السلام والأمن”، ألقى السفير الجزائري لدى الأمم المتحدة، عمار بن جامع، خطابا مليئا بالمشاعر، حيث وصف الفظائع والرعب اليومي الذي يعانيه الفلسطينيون، مستنكرا بشدة غياب الحماية عن النساء والأطفال المتضررين من النزاعات المسلحة.

لكن الغريب في الأمر هو عدم إشارة السفير إلى وضع النساء والأطفال الصحراويين المحتجزين في تندوف، حيث يعاني هؤلاء من الاحتجاز القسري واستغلال المساعدات الإنسانية، مما يجعلهم ضحايا لألعاب سياسية قذرة.

في ظل هذا الوضع، يظهر النظام الجزائري كمتاجر بالمآسي، إذ يحرص على إظهار نفسه كمدافع عن حقوق الشعوب بينما يتجاهل الأزمات الاجتماعية والاقتصادية المتفاقمة في الداخل. فبينما يعاني المواطن الجزائري من تدهور الأوضاع المعيشية ونقص الخدمات الأساسية، يستمر النظام في صرف موارده لدعم حركات انفصالية وتبني مواقف خارجية ذات طابع استعراضي، مما يعكس فشلا في الالتفات إلى هموم شعبه. إن هذا التناقض السافر يكشف عن ازدواجية في المعايير، حيث يستخدم خطاب حقوق الإنسان فقط كوسيلة لتلميع صورة النظام على الساحة الدولية.

ويبرز هذا التناقض بشكل جلي عند النظر إلى وضع المحتجزين في مخيمات تندوف. هؤلاء الذين يستخدمون كأدوات لتحقيق مكاسب سياسية، يواجهون ظروفا قاسية تفتقر لأبسط مقومات الحياة. ورغم أن النظام الجزائري يزعم أن عدد المحتجزين يناهز 90 ألفا، تشير إحصائيات موثوقة من منظمات حقوقية دولية إلى أن العدد الحقيقي لا يتجاوز 2000 شخص، بينما يشكل الآخرون من جنسيات إفريقية مختلفة، مما يعني أن النظام يتلاعب بالأرقام لخلق أزمة إنسانية تستدعي دعما دوليا.

وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها المملكة المغربية للمطالبة بإحصاء المحتجزين في مخيمات تندوف، ترفض الجزائر وصنيعتها بوليساريو هذا الإحصاء، مما يثير تساؤلات حول نوايا النظام في التعامل مع هذه الأزمة الإنسانية. إن التلاعب بالمعطيات واستغلال المساعدات الدولية باتا سمة بارزة في سلوك النظام الجزائري، حيث يتعرض المحتجزون في تندوف لانتهاكات حقوقية صارخة تشمل تجنيد الأطفال واستعباد النساء.

تجعل هذه الازدواجية النظام الجزائري في موقف محرج، حيث يتبنى خطابا إنسانيا بينما يغض الطرف عن الانتهاكات التي تحدث في مخيماته. إن التصريحات المتكررة حول حماية النساء والأطفال في مناطق النزاع لا تساوي شيئا أمام الصمت القاتل عن معاناة المدنيين المحتجزين داخل البلاد. فبينما يظهر النظام قلقه المبالغ فيه تجاه الوضع الإنساني في الخارج، تعتبر حقوق الإنسان داخل الجزائر مجرد شعارات يستغلها لخدمة أهدافه السياسية الضيقة.

إن مشهد الاحتجاز في تندوف ينقل صورة مؤلمة عن واقع يخفى عن أنظار العالم، إذ يعتبر المحتجزون ورقة تجارية تستخدم لتحقيق مكاسب مالية وسياسية. لذا، فإن تضامن الجزائر مع القضايا الإنسانية يبدو وكأنه مجرد ستار يخفي وراءه تواطؤا وتجاهلا متعمدين لمعاناة ضحايا مخيمات تندوف. يجب على المجتمع الدولي أن ينظر إلى هذه التناقضات ويحاسب النظام الجزائري على انتهاكاته لحقوق الإنسان، فالخطاب الإنساني المبالغ فيه الذي يتبناه لا يغير من الواقع الأليم شيئا.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *