بمناسبة الزيارة المرتقبة للرئيس إيمانويل ماكرون إلى المغرب، ارتأينا في “اكسبريس تيفي” أن ننشر سلسلة مقالات نستعرض من خلالها متانة العلاقات بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية. هذه الزيارة الرسمية التي سيقوم بها رئيس الجمهورية الفرنسية والسيدة بريجيت ماكرون إلى المملكة المغربية ابتداء من يوم غد الإثنين 28 إلى الأربعاء 30 أكتوبر. تأتي في إطار السعي إلى إعادة تأسيس الشراكة الاستثنائية التي تربط البلدين، حيث ترتبط فرنسا والمغرب بعلاقات دبلوماسية وثيقة، تتميز بحوار منتظم منذ التسعينيات. وقد اختار صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، فرنسا لتكون وجهته في أول زيارة دولة له إلى الخارج في مارس 2000، مما يدل على الأهمية الاستراتيجية لهذه العلاقات.
تاريخ العلاقات الثنائية بين فرنسا والمغرب طويل، حيث كانت فرنسا أول دولة أوروبية ترسل قنصلا إلى المغرب في القرن الرابع عشر. لم تنسَ فرنسا أبدا 73 ألف جندي مغربي الذين شاركوا في الجيش الفرنسي في الحرب العالمية الثانية، حيث كانوا جزءا لا يتجزأ من جهود التحرير في بروفانس. وتأتي هذه الذكرى في سياق الاحتفال بالذكرى الثمانين لإنزال بروفانس في 15 غشت 2024، حيث قام رئيس الجمهورية بتكريم أحد المحاربين القدامى المغاربة، السيد العربي جاوا، ومنحه وسام جوقة الشرف بحضور رئيس الحكومة المغربية، السيد عزيز أخنوش.
منذ استقلال المغرب، بنيت شراكة استثنائية لا مثيل لها، سواء بالنسبة لفرنسا أو للمغرب، تستند إلى روابط متينة على جميع المستويات وإلى ثقة كبيرة. تستمر هذه الروابط في التطور يوما بعد يوم بفضل ملايين المغاربة والفرنسيين الذين يعيشون معا ويتحاورون ويعملون جنبا إلى جنب. وتمثل العلاقات الثنائية نموذجا للتعاون المستمر، حيث تتسم بجودة ممتازة، إذ تتجسد عبر اجتماعات رفيعة المستوى (RHN) تعقد بانتظام، منذ إنشائها عام 1997.
تعقد هذه اللقاءات لتعزيز الحوار السياسي على أعلى المستويات، وقد أبرمت في هذا السياق 22 اتفاقية شراكة، تغطي مجالات متعددة، مثل الشباب، والاندماج المهني، والتنمية الاقتصادية، والبيئة، والتعاون في إفريقيا. العلاقات الثنائية ديناميكية وتعززها تبادلات منتظمة، حيث شهد النصف الأول من عام 2024 زيارة وزراء فرنسيين للمغرب في مجالات متعددة، مما يدل على التزام البلدين بتعزيز التعاون المشترك.
تؤكد فرنسا التزامها الثابت بقضايا الأمن الوطني للمملكة المغربية، وخاصة فيما يتعلق بقضية الصحراء الغربية. فقد أوضح الرئيس ماكرون في رسالة وجهها إلى الملك بمناسبة عيد العرش في 30 يوليو 2024 أنه يعتبر “الحاضر والمستقبل في الصحراء المغربية يندرجان ضمن إطار السيادة المغربية”، مشيرا إلى أن مخطط الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب عام 2007 يعد الأساس الوحيد للتوصل إلى حل سياسي عادل ودائم، قابل للتفاوض، وفقا لقرارات مجلس الأمن.
إن زيارة ماكرون المرتقبة إلى المغرب تعد تجسيدا لهذا التعاون المستمر، وتؤكد أهمية العلاقات المغربية الفرنسية، التي تتجاوز مجرد الشراكة الاقتصادية، لتشمل جوانب سياسية وثقافية واجتماعية عميقة، وتفتح آفاقا جديدة للتعاون بين البلدين في المستقبل.