متابعة
مع اقتراب حملته الرئاسية الثالثة على التوالي من نهايتها، يتحدث دونالد ترامب خلال تجمع جماهيري عن انفجار السيارات التي تعمل بالهيدروجين، ويأسف لصعوبة إزالة الطلاء من الحجر الجيري، ويتعجب من كيفية عودة صاروخ الملياردير إيلون ماسك إلى الأرض سليما.
وفي الفعالية الانتخابية بولاية كارولينا الشمالية التي كان من المفترض أن يركز حديثه فيها على الاقتصاد، وصف ترامب منافسته الديمقراطية كامالا هاريس بأنها لم تعمل بجد مثله، ويشيد بالرئيس الصيني شي جين بينغ ويصفه بأنه “شرس”، بينما يصف الرئيس السابق باراك أوباما بأنه “أحمق حقيقي”.
إن مشاهدة ترامب مع اقتراب انتخابات الخامس من نوفمبر المقبل، وسباقه ضد نائبة الرئيس هاريس من نهايته هو بمنزلة مشاهدة مرشح غير مقيد بالكامل تقريبًا. وفي وقت يفترض فيه أن يصقل معظم الساسة حججهم الختامية للناخبين، يتصرف ترامب غالبًا مثل فنان في جولة وداعية أكثر من كونه شخصًا يهدف إلى قيادة أقوى دولة في العالم.
غير منضبط
يبدو ترامب مع اقتراب انتخابات 5 نوفمبر المقبل وسباقه ضد هاريس كمرشح غير منضبط بالكامل. وفي وقت يفترض فيه أن يصقل معظم الساسة حججهم الختامية للناخبين، يتصرف ترامب غالبًا مثل الفنان في جولة وداعية أكثر من كونه شخصًا يهدف إلى قيادة أقوى دولة في العالم.
ويهدد سلوكه غير المركز وخطابه المظلم بتنفير بعض الناخبين في سباق لا يزال متقاربًا لدرجة أن أي تأرجح لبضعة آلاف من الأصوات في العديد من الولايات التنافسية يمكن أن يحدد الرئيس القادم.
إنه يمنح حملة هاريس الحجج الكافية لتقول إنه “غير مستقر” و”غير متوازن” أكثر من أي وقت مضى، إذ تتبنّى المرشحة الديمقراطية هذه المصطلحات بشكل متزايد، لتشير إلى “هذيان” ترامب كدليل على رجل متعب وكبير بالسن وغير لائق للرئاسة.
وقالت هاريس الأسبوع الماضي “في كثير من النواحي، دونالد ترامب رجل غير جاد، لكن عواقب كونه رئيسًا للولايات المتحدة خطيرة للغاية”.
نسيج ترامب العشوائي
أما ترامب البالغ من العمر 78 عامًا، فيدافع عن نهجه العشوائي قائلا إنه يفعل شيئًا يسميه “النسيج”؛ فهو ينتقل من موضوع إلى آخر، وأحيانا يغير الموضوع في منتصف الجملة، وهو ما يطلق عليه مصطلح “النسيج”، ويقول أنصاره إن أسلوبه غير المكتوب هو جزء من جاذبيته.
ويقول ستيفن تشيونج المتحدث باسم حملة ترامب “إن نسيجه الحاصل على براءة اختراع هو طريقة رائعة لنقل القصص المهمة وشرح السياسات التي ستساعد الأميركيين العاديين على طي صفحة السنوات الأربع الماضية من إخفاقات كامالا هاريس”، وفق وصفه.
وتتميز تجمعات ترامب بنصيب من التحولات والخطوط العريضة الغريبة. ومع مرور الوقت، يبدو الرئيس السابق راضيًا عن حرق دقائق ثمينة في سرد القصص عن أيامه في البيت الأبيض، والتأمل في الرياضيين الذين ماتوا منذ مدة طويلة أو الذهاب ببساطة إلى حيث يأخذه عقله.
والخميس الماضي قال ترامب في لاس فيغاس “لقد أعطوا أوباما جائزة نوبل. لم يكن يعرف حتى لماذا حصل عليها. ما زال لا يعرف.. لقد انتُخِب وأعلنوا أنه سيحصل على جائزة نوبل. لقد انتُخِبْتُ في انتخابات أكبر وأفضل وأكثر جنونًا لكنهم أعطوه جائزة نوبل”.
وعلى الرغم من أن أي تجمع جماهيري لا يتشابه تمامًا، فإن الموضوع الثابت هو تأكيد ترامب الكاذب أنه في غضون 4 سنوات قصيرة حوّل الديمقراطيون الأمة إلى دولة ديستوبية (فاسدة).
ويستمر الرئيس السابق في التنديد بمعارضيه السياسيين باعتبارهم “عدوا من الداخل”، ويزين تصريحاته بروايات مصورة عن جرائم قتل واغتصاب فتيات صغيرات وحكايات كاذبة عن عصابات عنيفة تستولي على بلدات صغيرة ومزاعم مفندة عن قيام المهاجرين بأكل الحيوانات الأليفة المسروقة.
يقول مساعدو ترامب إنه يحدد الوتيرة ويتحدث طالما أراد، “إنهم لا يحاولون احتواءه، وقد وضعوه في لقاءات مثل البودكاست حيث يمكن لطرقه المتشعبة أن تجد موطنًا ولن يخضع لسلسلة من الأسئلة”.
وخلال مقابلة مطولة في بودكاست جو روغان الجمعة الماضية، أكد ترامب أنه قد تكون هناك حياة على المريخ على الرغم من أنه لم يُعثر على أي دليل على ذلك، كما زعم أن طواحين الهواء لها تأثير سلبي على الحيتان.
ومع اقتراب موعد الانتخابات، اعتمد ترامب جدول حملة أكثر جنونًا، ففي الأسبوع الماضي أقام فعاليات في 6 من الولايات السبع التي من المرجح أن تقرر الانتخابات، تحدث فيها عن أمن الحدود والجريمة، لكنه وجد الوقت دائمًا للخروج عن النص.
ومن هذا ما فعله يوم الأربعاء الماضي في مدينة دولوث بولاية جورجيا، حيث تحدث لفترة طويلة عن كيفية تجنبه لحرب تجارية مع فرنسا بشأن الشمبانيا، تحدث لفترة طويلة جدا لدرجة أن العديد من الحاضرين شرعوا في المغادرة.
وفي الأيام الأخيرة، كان ترامب يتصدر عناوين الأخبار بأحداث لا علاقة لها بكيفية إدارته للبلاد، لقد حوّل أحد التجمعات إلى حفلة رقص مرتجلة، إذ تمايل على المسرح على أنغام أغانيه المفضلة لمدة 40 دقيقة تقريبًا، كما ارتدى مئزرًا وطبخ بطاطس مقلية في ماكدونالدز.
يقول جون جير، الخبير في الرأي العام بجامعة فاندربيلت، إن “ترامب يستهدف جمهورًا واحدًا هو قاعدته الشعبية، فهو يعتقد أن ما يقوله، حتى لو كان غير متماسك، يجذب قاعدته”، مؤكدا أن الرئيس السابق إذا كان يريد توسيع هذه القاعدة فعليه ألا ينخرط في خطاب عشوائي.