متابعة
أعاد انتخاب المرشح الجمهوري للانتخابات الأمريكية دونالد ترامب، فتح طريق وعرة لمحاربة التغير المناخي على المستوى العالمي بعد خطوات مناهضة لجهود العالم، اتخذها في ولايته الأولى بانسحابه من اتفاقية باريس للمناخ.
وعلى الرغم من عودة الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن إلى الاتفاق مطلع عام 2021، فإن المخاوف من الانسحاب مجددا من الاتفاقية تخيم على المجتمعين في مؤتمر الأطراف “كوب 29” الجاري حاليا في العاصمة الأذربيجانية باكو.
والاثنين، انطلقت في باكو أعمال قمة الأمم المتحدة للمناخ “كوب 29″، بمشاركة رؤساء دول وحكومات، وشركات ناشطة في مجال الطاقة التقليدية والمتجددة، ومنظمات معنية بمحاربة تغير المناخ.
الطاقة النظيفة مستمرة
والخميس الماضي، عقدت جينا مكارثي، التي عملت مستشارة وطنية للمناخ لبايدن، مؤتمرا صحفيا عبر الهاتف، أكدت فيه أنه “بغض النظر عما يقوله ترامب بشأن المناخ، فإن التحول إلى الطاقة النظيفة لا يمكن إيقافه في الولايات المتحدة”.
وأضافت، بحسب ما أورده موقع بوليتيكو، أنه “سواء كان ترامب أو لم يكن، فإن هناك أموالاً طائلة يمكن جنيها من البدائل الأرخص والأكثر خضرة للوقود الأحفوري.. حكومات الولايات تنفق الأموال على هذه القطاعات، وترى فيها وسيلة للفوز باقتصاد الغد”.
ويعول مؤيدو المناخ على التطور الذي وصلت إليه عديد دول العالم بما فيها الصين في صناعة الطاقة المتجددة، ما يجعل رأي القيادة السياسية الجديدة في الولايات المتحدة أقل تأثيرا عما كان عليه في ولايته الأولى.
تقدم صيني
وتظهر بيانات حكومية صينية، أن بكين استخدمت ولاية ترامب الأولى باعتبارها “فرصة” للتقدم على الولايات المتحدة في أسواق الطاقة النظيفة.. وفي رئاسته الثانية، سيجد ترامب أن التحول الاقتصادي البنيوي قد تقدم بشكل أكبر.
وتنقل بوليتيكو عن لورانس توبيانا، الرئيس التنفيذي لشركة يورومنيتد باور، قوله إن “السياق اليوم مختلف تماما عن عام 2016. هناك زخم اقتصادي قوي وراء التحول العالمي الذي قادته الولايات المتحدة واستفادت منه، لكنها الآن تخاطر بالتخلي عنه”.
وتظهر أرقام إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، أن ترامب وعد بإعادة طاقة الفحم في ولايته الأولى لكنه لم ينجح بذلك؛ إذ انخفض توليد الفحم بنحو 40 بالمئة خلال فترة ولايته الأولى، حيث تخلى المستثمرون والأسواق عنه باعتباره مصدر طاقة قابلا للتطبيق وبأسعار معقولة.
ووفق بيانات وكالة الطاقة الدولية، لا يزال الوقود الأحفوري يشكل 80 بالمئة من إمدادات الطاقة في العالم؛ ولا تزال الحكومات تستثمر فيه بما يصل إلى 620 مليار دولار عام 2023، وما زالت الشركات تقدر أن تستثمر 1.1 تريليون دولار فيها عام 2024.
استثمار صاعد
في المقابل، تظهر بيانات الوكالة أن الاستثمارات العالمية صعدت من متوسط 1.15 تريليون دولار سنويا في 2015، لتسجل خلال العام الجاري نحو تريليوني دولار، أي أكثر من ضعف الاستثمار في الطاقة التقليدية.
ويعني ذلك أن النمو على الطاقة مستمر بلا توقف، سواء التقليدية منها أو المتجددة، وسط استمرار ارتفاع كلفة محطات الطاقة النظيفة بالنسبة إلى الدول الفقيرة.
والأسبوع الماضي، ذكرت وكالة بلومبرغ أن صناديق التحوط تراهن ضد التحول الأخضر بسبب فوز ترامب، وفي اليوم التالي لانتخابه رئيسا، تراجعت أسهم الطاقة المتجددة الأوروبية والأمريكية.
وتخشى الأمم المتحدة اليوم، أن يؤدي انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ مجددا مع تولي ترامب الرئاسة، إلى قيام بلدان أخرى من إجمالي 200 دولة وقعت اتفاقية باريس بالخروج منها.
“احفروا يا بني، احفروا”
في أكتوبر الماضي، خرج ترامب أمام حشد من مؤيديه وتطرق إلى موضوع النفط، ولخص سياسته في مجال الطاقة بعبارة “احفروا يا بني، احفروا”، في إشارة إلى مزيد من التنقيب والاستكشاف في مجال الطاقة التقليدية.
وتتضمن هذه السياسة استئنافا واسع النطاق لتراخيص النفط والغاز ووقف مشاريع طاقة الرياح البحرية، التي يزعم أنها “تقتل” الحيتان والطيور، “منذ اليوم الأول” في البيت الأبيض.
كما تعهد ترامب بإنهاء الاعتمادات الضريبية الخضراء والإعانات المتعلقة بالطاقة الخضراء، في استكمال لسياسته القائمة على الطاقة التقليدية، منذ أن كان رئيسا قبل 8 سنوات.
هذا الوضع من منح تراخيص الحفر والتنقيب لم يكن متاحا بولاية الرئيس بايدن، الذي أعلن مرارا تعليق منح هذه التراخيص ما دام رئيسا للولايات المتحدة.
وبحسب بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، فإن الولايات المتحدة هي أكبر منتج للنفط الخام في العالم، بمتوسط يومي يبلغ أكثر من 13 مليون برميل، كما أنها أكبر مستهلك له بأكثر من 17 مليون برميل يوميا.
ويطمح ترامب إلى استغلال ثروات بلاده في الطاقة التقليدية، لخفض أسعار الوقود المباع في الأسواق المحلية، والذي يعتبر مدخلا رئيسا في إنتاج آلاف السلع الحيوية، ضمن جهود لخفض الأسعار على المستهلك النهائي.