اوسار أحمد/
في عملية أمنية نوعية تعكس عمق الشراكة الأمنية بين الرباط وبرلين، قضت محكمة ألمانية بالسجن النافذ لمدة ثماني سنوات بحق المتطرف “طارق. س. س”، بعد إدانته بالتخطيط لهجمات إرهابية خطيرة، من بينها هجوم باستخدام شاحنة للدهس. هذه القضية لم تكن لتُحسم بهذه السرعة لولا المعلومات الاستخباراتية الدقيقة التي قدمتها المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني في المغرب.
تم اعتقال المتهم البالغ من العمر 29 عامًا في 24 أكتوبر 2023 بمدينة إيسن، بناءً على بيانات استخباراتية مغربية وفّرتها الأجهزة الأمنية الألمانية، تضمنت هويته الكاملة، وصوره، وموقعه، وتفاصيل حول أنشطته الإرهابية المحتملة. هذه المعلومات كانت حاسمة في إحباط المخطط ومنع وقوع كارثة جديدة على الأراضي الألمانية.
المتهم سبق أن انضم إلى تنظيم “داعش” الإرهابي في سوريا، قبل أن يعود إلى ألمانيا ويبدأ في التحضير لهجمات دموية. وكان يخطط لاستخدام شاحنة لدهس المدنيين في عملية شبيهة بهجمات سابقة شهدتها مدن أوروبية، مما دفع الاستخبارات المغربية إلى تتبع تحركاته وإبلاغ نظيرتها الألمانية قبل أن يتمكن من تنفيذ مخططه.
هذه العملية شكلت صفعة جديدة للخلايا الإرهابية وأثارت استياء بعض المتطرفين المقيمين في أوروبا، وعلى رأسهم محمد حاجب، الذي يعيش في ألمانيا ويستغل موقعه هناك لمهاجمة الأجهزة الأمنية المغربية والتشكيك في جهودها. حاجب، الذي قضى عقوبة سجنية في المغرب بعد تورطه في قضايا إرهابية، دأب على نشر خطابات تحريضية، لكنه لم يستطع إخفاء انزعاجه من نجاحات الرباط في تفكيك المخططات الإرهابية داخل وخارج المغرب.
هذه العملية ليست الأولى من نوعها، بل تأتي في سياق سلسلة نجاحات مغربية في تفكيك مخططات إرهابية داخل وخارج الحدود الوطنية. المغرب أصبح لاعبًا محوريًا في الأمن الإقليمي، مستفيدًا من منظومة استخباراتية متطورة وتعاون وثيق مع دول أوروبية كبرى.
في يناير الماضي، استضافت مدريد اجتماعًا ثلاثيًا جمع عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، بنظيريه في إسبانيا وألمانيا، حيث تم الاتفاق على تعزيز التنسيق الأمني وتوسيع التعاون العملياتي لمواجهة التهديدات المشتركة.
وفي أواخر فبراير، زار هولغر مونش، رئيس المكتب الفيدرالي للشرطة الجنائية بألمانيا، الرباط، حيث بحث مع الحموشي آليات الاستجابة المشتركة للمخاطر الأمنية العابرة للحدود. اللقاء عكس حجم الثقة المتبادلة بين الأجهزة الأمنية المغربية ونظيراتها الأوروبية، ودور المغرب المتزايد في تأمين الاستقرار الدولي.
تعكس هذه القضايا كيف أصبح المغرب شريكًا لا غنى عنه في جهود مكافحة الإرهاب. لم يعد الأمر يتعلق فقط بحماية أمنه الداخلي، بل أصبح فاعلًا رئيسيًا في إحباط تهديدات على المستوى الدولي. هذه النجاحات تعزز موقع الرباط كطرف محوري في المعادلة الأمنية العالمية، في وقت تتزايد فيه التحديات الأمنية والتطرف العابر للحدود.