دعوة حماس أنصارها في العالم لحمل السلاح تفجر الجدل حول مسار المقاومة ومستقبل الاستقرار

دعوة حماس أنصارها في العالم لحمل السلاح تفجر الجدل حول مسار المقاومة ومستقبل الاستقرار

- ‎فيدولي, واجهة
IMG 20250407 WA0090
إكسبريس تيفي

 

ابو سارة /

 

في ظل تصاعد التوتر داخل قطاع غزة، وجهت حركة حماس دعوة صريحة إلى أنصارها في العالم لحمل السلاح وتفجير الأوضاع، تزامنًا مع إصدار الجيش الإسرائيلي إنذارًا بإخلاء مناطق واسعة في جنوب القطاع تمهيدًا لهجوم بري جديد. الدعوة التي أطلقها سامي أبو زهري، القيادي في حماس، دعت إلى استخدام كل الوسائل المتاحة، من الرصاصة إلى الحجر، لضرب المصالح الأمريكية والإسرائيلية، محذرًا من أن الصمت جريمة في حق القضية الفلسطينية.

 

الخطاب التصعيدي لحماس أثار ردود فعل متباينة، خاصة في المنطقة المغاربية، حيث تعالت أصوات مناهضة للتطبيع داعمة لما وصفته بـ”المقاومة المشروعة” في مواجهة ما يُعتبر مخططًا لتهجير سكان غزة. في المقابل، اعتبر الإعلامي المغربي الكارح أبو سالم أن دعوة حماس “صيحة في واد” ولن تفرز سوى مزيد من الفوضى والدماء، مؤكدًا أن الرد العسكري لن يخدم إلا مصالح المتطرفين وسيقود المنطقة نحو دوامة عنف جديدة. وأضاف أن نداء سامي أبو زهري سيعود بالوبال على من يتجاوب معه، ولن يكون أفضل حالًا من تداعيات السابع من أكتوبر التي خلفت خسائر فادحة ما زالت آثارها قائمة حتى اليوم.

 

وأشار أبو سالم إلى أن مواجهة خطة ترحيل سكان غزة لا تكون بتحريض الشعوب على أنظمتها، بل عبر تحرك دبلوماسي منظم وفاعل. واعتبر أن الانصياع لهذا النداء سيقود الشعوب إلى مواجهة مباشرة مع تهم الإرهاب، خاصة أن عدة دول صنفت حركة حماس ضمن لوائح التنظيمات الإرهابية، مما سيدفع الأنظمة إلى رفع مستوى التأهب الأمني. وفي هذا السياق، أصدرت السفارة الأمريكية في الرباط تحذيرًا لرعاياها من المشاركة أو الاقتراب من المسيرات التي دعت إليها هيئات سياسية ومدنية صباح الأحد الماضي.

 

ورفض أبو سالم منطق استخدام السلاح كخيار وحيد، معتبرًا أن 77 عامًا من الصراع الدموي لم تؤدِّ سوى إلى تأجيل السلام واستنزاف الشعب الفلسطيني. واستشهد بسلسلة من المبادرات السياسية التي شكلت محطات بارزة في مسار السلام، من اتفاقية كامب ديفيد إلى اتفاقيات أوسلو ووادي عربة، وصولًا إلى خطة السلام الإبراهيمي سنة 2020، والتي أعادت المغرب وعدة دول عربية إلى طاولة العلاقات مع إسرائيل. وأوضح أن هذه الخطط، رغم ما يرافقها من تحفظات وانتقادات، تظل المسار الواقعي الوحيد القادر على إحداث تغيير حقيقي في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

 

وشدد أبو سالم على أن التصعيد العسكري من قبل حماس لن يخدم القضية الفلسطينية، بل سيزيد من تعقيد الأوضاع الداخلية، ويعمّق الانقسام بين الفلسطينيين أنفسهم، لاسيما في ظل غياب إجماع وطني حول تمثيل الحركة للشعب الفلسطيني، وخاصة في الضفة الغربية. وأضاف أن موقف الملك محمد السادس، الداعم لحل الدولتين عبر المفاوضات، يشكل أرضية ثابتة وواقعية للوصول إلى حل دائم وشامل للصراع.

 

وفي ما يخص تفاعل مناهضي التطبيع في المغرب مع خطاب حماس، اعتبر أبو سالم أن دعمهم لهذه الدعوات يمثل مزايدة على الموقف الرسمي المغربي، الذي يحظى بإشادة من السلطة الفلسطينية ذاتها. وانتقد من وصفهم بأنهم “يخدمون أجندات وهمية مقابل دريهمات معدودة”، داعيًا إياهم إلى الاستفاقة من “سباتهم التقليدي” والمشاركة في دعم جهود السلام بدل الترويج للفوضى والتحريض.

 

أما فيما يتعلق بما شهدته المسيرة المناهضة للتطبيع التي نُظمت بالرباط يوم الأحد، من نعت مستشار الملك أندري أزولاي بـ”الصهيوني”، فقد وصف أبو سالم ذلك بالانحراف الخطير من قبل جماعة العدل والإحسان وحزب العدالة والتنمية، معتبرا أن هذا السلوك محاولة فاشلة لابتزاز الدولة والعودة إلى المشهد السياسي. وأكد أنه من غير المعقول أن يعين الملك الراحل الحسن الثاني صهيونيًا داخل القصر الملكي، مشددًا على أن أزولاي مغربي يهودي، وُلد في مدينة الصويرة، ولا علاقة له بالصهيونية، بل له مواقف واضحة ضدها.

 

وبشأن الفتوى الأخيرة التي أصدرها الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بوجوب الجهاد المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي، قال أبو سالم إن هذه الفتوى تندرج ضمن فتاوى الجهاد الدفاعي، لكنها أغفلت مسار السلام والبدائل السياسية، ما جعلها عرضة لانتقادات حتى من داخل الاتحاد نفسه، معتبرًا أن الفتوى غير مبررة إنسانيًا ولا سياسيًا.

 

الجدل حول دعوة حماس وتصريحات أبو زهري يعيد فتح النقاش حول مستقبل المقاومة الفلسطينية، وحدود المشروعية في مواجهة الاحتلال، والخيارات المتاحة أمام الشعوب العربية لمساندة القضية دون الانجرار إلى الفوضى وزعزعة الاستقرار الداخلي.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *