نجيبة جلال
لم يعد من الممكن اليوم الحديث عن القضية الفلسطينية بنفس الطريقة، لأن الفلسطينيين أنفسهم اختاروا السلام والاستفادة مما حققته إسرائيل في مجالات عدة.
إذا لم تتمكن من هزيمتهم، انضم إليهم! هذه المقولة الشهيرة للسيناتور الأمريكي الراحل جيمس واتسون تنطبق بشكل كامل على واقع الوضع في إسرائيل اليوم. زيارتي لإسرائيل كجزء من أول وفد إعلامي مغربي بعد استئناف العلاقات الثنائية مع المملكة سمحت لي بمشاهدة التقدم التكنولوجي في الدولة اليهودية، مما جعلني أعيد ترتيب أسئلتي حول القضية الفلسطينية وما نشأنا عليه.
هل تعلم أن حوالي 250 طبيبًا فلسطينيًا تم تدريبهم في إسرائيل وقدّموا الرعاية الطبية لحوالي مليون إسرائيلي؟ منذ عام 2003، تم علاج نحو 12,500 طفل في إطار مشروع كبير لمركز بيريس للسلام والابتكار، الذي عالج أطفالًا فلسطينيين وسوريين في مستشفيات عبر إسرائيل. كل هذا سمح لسنوات بلقاء فريد بين العائلات وفرق طبية في المستشفيات، وبناء جسور للسلام.
لم يعد من الممكن اليوم الحديث عن القضية الفلسطينية بنفس الطريقة، لأن الفلسطينيين أنفسهم اختاروا السلام والاستفادة من إنجازات إسرائيل في مجالات عدة. يظهر ذلك بوضوح عند زيارة القدس والخروج في جولة ليلية لاكتشاف تلك الأزقة الحجرية وجمالها، حيث تجد الشباب. لا يفكرون حتى في السؤال عن ديانتهم، لأن صخب الموسيقى في كل مكان يجعلك تنسى تلك الاختلافات، أحيانًا بنغمة عبرية وأحيانًا أخرى عربية. الوجوه مبتسمة وترحب بك في متاجرهم.
عند زيارة حيفا ولقاء البهائيين أو الأحمديين أو الدروز، تعود لتتساءل لماذا تُختزل القضية بين الديانتين، اليهودية والإسلام. من يواصل الغوص في قضية يصعب فهم تطوراتها يكون مخطئًا، لأن إسرائيل عملت بجد. نعم، إسرائيل اختارت التقدم علميًا ووضع هذا التقدم في خدمة الفلسطينيين، الذين هم في النهاية أفراد يبحثون عن الأمان وحياة كريمة لأطفالهم ونسائهم.
أدرك الفلسطينيون أنه حتى إذا اختلفوا مع الإسرائيليين في معتقداتهم، فإن واقع وجود إسرائيل هو أكثر رحمة بكثير من واقع الفقر والجهل، وأنه يمكن بناء واقع حوله لتحقيق التعايش والاستفادة من الأشخاص الذين تمكنوا وسط الصراع من النجاح في مجالات متنوعة على المستوى العالمي.
ما هو الأمر الأذكى إذًا؟ الاستمرار في تجاهل واقع لن يختفي، أم التعامل مع واقع يفتح آفاق التعاون والسعي نحو السلام؟