مباشرة بعد الرسالة الشهيرة التي أرسلها رئيس الجمهورية الفرنسية، السيد إيمانويل ماكرون، إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس، تبين للجميع من فاعلين سياسيين واقتصاديين داخل المغرب وخارجه أن المغرب متشبث بمواقفه كدولة قوية، لأن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس.
من أهم ما جاء في رسالة السيد إيمانويل ماكرون، رئيس الجمهورية الفرنسية، نذكر هذه المقتطفات ذات الدلالة والمعنى للعالم: “في حين يستعد المغاربة للاحتفال بجلوسكم على العرش، يسعدني جدا أن أقدم لجلالتكم أمنياتي الشخصية بالصحة والسعادة والنجاح، وأن أجدد لكم التعبير عن شعور الصداقة العميقة الذي يكنه الشعب الفرنسي للشعب المغربي”.
وتابع رئيس الجمهورية الفرنسية السيد إيمانويل ماكرون في رسالته: “في ظل الظروف الحالية، أود أن أؤكد لجلالتكم التزامي الثابت، كما اتفقنا خلال الأشهر الماضية، بمواصلة تعميق وتحديث الشراكة الاستثنائية التي تربط بلدينا، لتمكينهما من مواجهة التحديات الجديدة التي يقبلانها مع القارة الأفريقية ومع بقية المجتمع الدولي. ستواصل فرنسا، على وجه الخصوص، تعزيز صداقتها الصادقة للمغرب وفعالية شراكتها معه من خلال موقف واضح وقوي بشأن القضايا الأكثر أهمية لجلالتكم والمغاربة”.
“أعتبر أن حاضر ومستقبل الصحراء الغربية يقعان ضمن السيادة المغربية، لذلك، أؤكد لجلالتكم ثبات الموقف الفرنسي بشأن هذه القضية الحساسة للأمن القومي لمملكتكم، وتعتزم فرنسا التصرف بما يتماشى مع هذا الموقف على المستويين الوطني والدولي”.
رسالة قوية وهادفة أربكت كل حسابات أعداء الوحدة الترابية للمملكة المغربية، خصوصًا الجارة التي تسبح في الماء العكر وتوقع شيكات على بياض للمرتزقة لزعزعة الاستقرار الأمني والاقتصادي والاجتماعي في المناطق الصحراوية المغربية.
مما يؤكد ويجسد ما جاء في رسالة رئيس الجمهورية الفرنسية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس هو الزيارة الرسمية التي يقوم بها حاليًا السيد إيمانويل ماكرون إلى المغرب من 28 إلى 30 أكتوبر 2024، مرفوقًا بعدد كبير من أعضاء حكومته، وبرلمانيين، وفاعلين سياسيين واقتصاديين ومجتمع مدني من كل القطاعات.
حسب خبراء الاقتصاد والسياسة، فإن هذه الزيارة الرسمية للمغرب بعد مدة من تأزم العلاقة بين البلدين، المغرب وفرنسا، لها أهداف وأبعاد جد إيجابية في توطيد العلاقات الدبلوماسية السياسية والاقتصادية بمنطق رابح رابح.
إلى حدود السنة الجارية 2024، تعرف العلاقات التجارية والاقتصادية بين المغرب وفرنسا تحولًا إيجابيًا خصوصًا بعد فترة من التوتر بسبب قضية الصحراء المغربية، القضية الوطنية لكل المغاربة. حيث تعتبر فرنسا أكبر مستثمر أجنبي في المغرب بتسجيل قيمة التبادلات التجارية بين البلدين نحو 14 مليار يورو في عام 2023.
في نفس السياق، يعتبر المغرب أكبر مستثمر أفريقي في فرنسا، حيث ارتفعت قيمة استثماراته المباشرة بفرنسا من 372 مليون يورو في 2015 إلى 1.8 مليار يورو في 2022.
مما يوضح أن العلاقة بين المغرب وفرنسا هي علاقة دولتين مستقلتين لهما مؤسساتهما الدستورية، عكس ما تروج له أبواق أعداء الوحدة الترابية للمملكة المغربية، في مجالات التعاون المتمثلة في:
- التعاون في مجالات البنية التحتية، والطاقة، والطيران، والتعاون في مجال الصحة.
- من أبرز محاور الشراكة الاقتصادية الجديدة بين البلدين: فوز شركات فرنسية مؤخرًا بمناقصات في المغرب، مثل مشروع مد شبكة المياه في مدينة الداخلة ومشروعات سكك الحديد بين القنيطرة ومراكش.
تجسيدًا للاعتراف الرسمي لقصر الإليزيه بمغربية الصحراء، أبدت فرنسا اهتمامًا بالتعاون مع المغرب في تطوير مشاريع في الصحراء المغربية عبر الوكالة الفرنسية.
بموقعه الجيوستراتيجي ودوره الفعال في تعزيز الاستقرار الأمني في المنطقة ومحاربة الإرهاب والتطرف والجريمة المنظمة عبر الحدود، يشكل المغرب بوابة أساسية لفرنسا نحو السوق الأفريقية، مما يمنح الشركات الفرنسية قاعدة متقدمة للوصول إلى الأسواق الناشئة في المنطقة.
توطيد العلاقات الثنائية بين المغرب وفرنسا سيعزز الدبلوماسية الاقتصادية ويساهم في تحقيق المصالح المشتركة ودعم النمو الاقتصادي بين البلدين.
ومن أهم ما جاء في جريدة لوموند الفرنسية ليوم غد الثلاثاء 29 أكتوبر 2024، عنوان بالخط العريض: “الرئيس الفرنسي في الرباط للدلالة على المصالحة مع المغرب بعد 3 سنوات من القطيعة” “التقارب الفرنسي المغربي يثير غضب الجزائر”.