نايضة – فيلم ينهزم أمام تسخيف الشخصيات وتشويه صورة المغربي

نايضة – فيلم ينهزم أمام تسخيف الشخصيات وتشويه صورة المغربي

- ‎فيرأي, واجهة
نايضة
إكسبريس تيفي

بقلم نجيبة جلال

لربما قد يحقق فيلم “نايضة” لسعيد الناصيري شهرة على منصات العرض الرقمي، ولكن هل يعني ذلك أنه فيلم ناجح؟ هل يعني أننا أمام عمل فني يستوفي معايير المهنية؟

يثير الفيلم في الوقت ذاته جدلاً كبيراً حول جدية الطرح ومستوى المعالجة الفنية. فبينما كان من المفترض أن يكون العمل إضافة نوعية تسهم في تقديم صورة مشرقة عن المغرب وتعكس قوته الناعمة، انتهى الفيلم إلى تقديم تصور مشوه عن مؤسساته وشعبه، بأسلوب يفتقر إلى العمق والاحترافية.

ربما تكون نية الناصيري هي تقديم نقد ساخر، ولكن هذا النقد تحول إلى “تكرفيص” شامل على كل الأطراف. الحكومة ورجال الأمن ظهروا في صورة ضعيفة وغير كفؤة، والشعب بليد وعاجز عن التغيير. عوض أن يُقدم الفيلم رسالة إيجابية تعكس واقعاً وطنياً يسعى للتقدم، ترك انطباعاً سلبياً عن قدرة المغرب على مواجهة قضاياه بجدية وذكاء.

الشخصيات السياسية والأمنية، التي كان بالإمكان إبرازها في صورة تعكس ذكاءها ومهنيتها، ظهرت في الفيلم بشكل سطحي وبعيد عن الواقع. بدلاً من تقديم نقد جاد وذكي يعزز النقاش المجتمعي، اختار الفيلم تسخيف هذه الشخصيات وتحويلها إلى نماذج كاريكاتيرية لا ترتقي إلى مستوى المسؤولية. كما أن تصوير الشعب المغربي جاء محبطاً، حيث بدا وكأنه عاجز عن الوعي بقضاياه أو التفاعل معها بجدية، وهو ما يُعد تقليلاً واضحاً من قيمة المواطن المغربي، الذي أثبت عبر التاريخ قدرته على مواجهة التحديات بوعي ومسؤولية.

أما على المستوى الفني، فقد عانى الفيلم من ضعف ملحوظ في الكاستينغ والديكورات، حيث لم تتمكن العناصر البصرية أو التمثيلية من تقديم واقع يقترب من الحقيقة. كانت الشخصيات تبدو غير متناسقة مع أدوارها، فيما جاءت الملابس والديكورات خالية من التفاصيل التي تُضفي المصداقية على العمل. مقارنة مع أعمال سينمائية أمريكية أو مصرية، يُلاحظ غياب الاهتمام بالجوانب الدقيقة التي تجعل حتى الشخصيات السلبية تُقدّم في صورة ذكية ومثيرة للإعجاب، ما يعكس اهتمام تلك الأعمال بتقديم سرد مقنع ومشوق.

إذا اعتبرنا الفن جزءاً من أدوات القوة الناعمة، فإن “نايضة” لم يكن على مستوى التحدي. بدلاً من أن يقدم صورة إيجابية عن المغرب ويعكس قدراته على معالجة قضاياه بأسلوب حضاري ومؤثر، جاء الفيلم كخطوة إلى الوراء، إذ أساء لمؤسسات الدولة وللمواطن المغربي على حد سواء. كان بالإمكان تقديم معالجة أذكى وأكثر نضجاً تسهم في تعزيز صورة المغرب دولياً، إلا أن الاعتماد على الكوميديا السطحية والسيناريو المتواضع حرم العمل من تحقيق هذا الهدف.

إن مثل هذه الأعمال تفرض علينا إعادة التفكير في الطريقة التي تُقدَّم بها القضايا الوطنية عبر الفن، إذ يجب أن يكون العمل الفني أداة للتنوير وتعزيز الوعي، لا وسيلة لتشويه الواقع أو تقديمه في صورة سطحية. المغرب، بتاريخ شعبه ومؤسساته، يستحق تمثيلاً فنياً يليق بمكانته، يُبرز ذكاء أبنائه وقوة مؤسساته، بدلاً من الوقوع في فخ التسخيف والابتذال.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *