تعتبر مهنة المحاماة من أرفع المهن التي تتطلب من أصحابها التحلي بالنزاهة والاحترام العميق للقانون والأخلاقيات المهنية. ويجب على المحامي أن يكون درعًا للعدالة، يسعى لحماية الحقوق ويكون قدوة في السلوك والأخلاق. لكن ما نشهده اليوم من سلسلة تدوينات صادرة عن محامٍ محسوب على هيئة المحامين بمدينة القنيطرة، يطرح العديد من التساؤلات حول دور الهيئة في ضبط المهنة وحماية سمعتها.
الخطاب الذي ورد في هذه التدوينات ليس مجرد نقد أو اعتراض مهني، بل هو هجوم شخصي وقذف مباشر لزميل آخر في المهنة. كما يتضمن إساءات خطيرة وألفاظًا تهدد سمعة المهنة وتستهدف نزاهة الأشخاص، لدرجة أنها تتعدى حدود حرية التعبير إلى التشهير والتعنيف اللفظي. فقد اعترف المحامي في تدويناته بممارسة العنف ضد زميله، بل وذهب أبعد من ذلك عندما استخدم لغة تهدف إلى التحقير والتشهير.
هذه التدوينات لم تكن حادثًا عابرًا، بل هي جزء من سلسلة متواصلة تبرز سلوكًا مرفوضًا من شخص محسوب على هيئة المحامين. وهو ما يجعل هذا الوضع أكثر خطورة، إذ يُظهر تجاهلاً للأخلاقيات المهنية التي يجب أن تحكم تصرفات المحامي. وللأسف، لا يمكن اعتبار هذا الحادث مجرد تصرف فردي، بل هو جزء من سلوكيات مكررة لهذا المحامي الذي كان قد تلقى عدة شكاوى بسبب تصرفاته المرفوضة سابقًا.
إن هيئة المحامين بمدينة القنيطرة مطالبة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بالتدخل لوضع حد لهذا العبث الذي يهدد سمعة المهنة ويشوه صورتها أمام المجتمع. هذه السلسلة من التدوينات، التي تعكس هجومًا لفظيًا يتجاوز حدود النقد المهني، تحتاج إلى رد فعل حازم وسريع من الهيئة المختصة. يجب أن يكون التدخل واضحًا وحاسمًا لضمان عدم استمرار هذه التصرفات، ولتأكيد أن المحاماة ليست ساحة للانتقام أو التشهير، بل هي مهنة سامية تهدف إلى تحقيق العدالة واحترام الآخر.
صمت الهيئة في هذا الشأن قد يكون بمثابة تواطؤ ضمني مع هذه السلوكيات، مما يزيد من تفشي مثل هذه التصرفات ويضر بمصداقية المحاماة ككل. الهيئة مسؤولة عن حماية شرف المهنة وصون كرامة المحامين، ولا بد لها من اتخاذ خطوات قانونية صارمة ضد المحامي الذي أساء للمهنة في هذه التدوينات المتكررة.
المحاماة ليست مجرد وسيلة للعيش، بل هي رسالة أخلاقية وقانونية تتطلب من كل محامٍ أن يكون حريصًا على نزاهته، ويُظهر الاحترام الكامل لزملائه. في هذا السياق، يتعين على هيئة المحامين في القنيطرة أن تكون حازمة في تطبيق ميثاقها الأخلاقي واتخاذ قرارات تأديبية ضد كل من يسيء لهذه المهنة.
إن الوقت قد حان لنعرف هل ستتخذ الهيئة موقفًا جادًا ضد هذا العبث، أم ستظل صامتة في وجه التجاوزات التي تهدد القيم الأساسية للمحاماة؟ الإجابة على هذا السؤال ستكون حاسمة في الحفاظ على نزاهة هذه المهنة وحمايتها من الفوضى التي قد تسببها بعض التصرفات الفردية.