كيف يستخدم النظام الجزائري الإعلام لتغطية فشله الداخلي

كيف يستخدم النظام الجزائري الإعلام لتغطية فشله الداخلي

- ‎فيرأي, واجهة
الفقر في الجزائر
إكسبريس تيفي

بقلم الخنساء

تواصل الجزائر استغلال الإعلام كأداة لتحويل الأزمات الداخلية إلى “مؤامرات دولية”، حيث شهدت العلاقات مع فرنسا تصعيدًا جديدًا بعدما استدعت الجزائر السفير الفرنسي على خلفية اتهامات غير مؤكدة بشأن محاولة الاستخبارات الفرنسية تجنيد جهادي سابق. هذه الادعاءات، التي وصفتها فرنسا بأنها “خيالية وغير مؤسسة”، تأتي في إطار الحروب الإعلامية المستمرة التي دأب النظام الجزائري على إشعالها كلما تعرض لضغوط داخلية. الحملة الإعلامية التي ركزت على هذه الاتهامات، رغم افتقارها للأدلة، تهدف إلى تحويل الأنظار بعيدًا عن الأزمات الحقيقية التي يعاني منها الشعب الجزائري، مثل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، وتفشي البطالة، والقمع السياسي.

منذ وصول الرئيس عبد المجيد تبون إلى الحكم، يواصل النظام الجزائري استراتيجياته في ترويج فكرة “المؤامرة الخارجية”، سواء كانت هذه المؤامرات موجهة ضد الجزائر من قبل فرنسا أو المغرب. هذه الاستراتيجية تهدف إلى صرف النظر عن المشاكل الداخلية العميقة، مثل الفشل الاقتصادي والاجتماعي الذي يواجهه النظام، من خلال تصوير العالم كعدو دائم. لكن ما يثير الاستفهام هو أن هذه الحروب الإعلامية تأتي في وقت يزداد فيه الوضع الداخلي تفاقمًا، ما يضع تساؤلات حول نية النظام في تحريف الواقع لخدمة أهدافه السياسية.

في الآونة الأخيرة، اتهمت الجزائر الاستخبارات الفرنسية بمحاولة تجنيد الجهادي السابق محمد أمين عيساوي، وهو ما فجر أزمة جديدة مع فرنسا. عيساوي، الذي كان قد انضم إلى “داعش” في سوريا ثم تم اعتقاله في تركيا، أفاد بأنه تم الاتصال به من قبل دبلوماسي فرنسي وطلب منه جمع معلومات عن الجماعات الجهادية في الجزائر. ورغم أن هذه الاتهامات تفتقر للأدلة الموثوقة، فإن مجلة “جون أفريك” الفرنسية فضحت من هو عيساوي في مقال نشرته، حيث أكدت على خلفياته المتورطة في الإرهاب، مما يزيد من شكوك حول مصداقية الاتهامات الجزائرية. حسب المجلة، عيساوي كان قد تورط في العمليات الإرهابية في سوريا، واعتُقل بعد ذلك لعدة سنوات في تركيا، مما يجعل من الصعب تصديق مزاعمه بشأن العروض المالية من قبل دبلوماسي فرنسي.

هذه الحروب الإعلامية التي يشنها النظام الجزائري ضد الدول التي يراها خصومًا، مثل فرنسا والمغرب، تأتي في سياق استخدامه للإعلام المحلي والدولي لترويج سرديات مشوهة وتحويل أحداث بسيطة إلى أزمات كبرى. في حين أن غياب الأدلة على هذه “المؤامرات” يبقى دليلاً على افتقار الاتهامات للمصداقية، فإن هذا السلوك الإعلامي يعكس في الحقيقة عجز النظام عن مواجهة الأزمات الداخلية الحقيقية. بدلاً من التصدي للتحديات الاقتصادية والاجتماعية، يفضل النظام الجزائري اختلاق أعداء وهميين لتبرير فشله في تلبية احتياجات شعبه، مما يزيد من عزلة الجزائر على الساحة الدولية.

إن هذه الحروب الإعلامية قد تضلل البعض لفترة قصيرة، لكنها لا يمكن أن تحجب الحقيقة للأبد: فالعالم ليس ضد الجزائر، بل إن النظام هو الذي يفرض هذه الأزمات على شعبه. عبر اختلاق “مؤامرات دولية” وهمية، يواصل النظام الجزائري نهجًا يستهدف التحريف والتشويش على الواقع، في محاولة فاشلة لإخفاء إخفاقاته السياسية والاقتصادية.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *