في خضم الانتشار غير المسبوق لداء الحصبة بالمغرب، والذي أودى بحياة 120 شخصًا وأصاب 25 ألفًا منذ شتنبر الماضي، يبرز تناقض صادم في تفاعل المسؤولين الحكوميين مع الأزمة. ففي الوقت الذي أعلن فيه مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، أن انتشار الإشاعات المضللة ضد التلقيح من بين أسباب تفاقم الوضع، يلتزم وزير الصحة الجديد، أمين التهراوي، صمتًا غريبًا، دون أي مبادرة تواصلية أو توضيحات للمواطنين حول هذا الوضع الصحي الحرج.
مصطفى بايتاس، في تصريحاته، ألقى باللوم على انتشار المعلومات الخاطئة باعتبارها سببًا أساسيًا في انتشار المرض، لكن الواقع يكشف أن غياب التواصل الرسمي الفعال من وزارة الصحة هو العامل الأكبر في تكوين فراغ إعلامي تستغله الإشاعات. كيف يمكن للمواطن أن يثق بالمعطيات الرسمية إذا كان الوزير المسؤول عن القطاع الصحي نفسه غائبًا عن الساحة الإعلامية؟
وزارة الصحة، برغم جهودها في إطلاق خطط تلقيح مستعجلة، أخفقت في مواكبة الأزمة إعلاميًا. المواطنون لا يحتاجون فقط إلى حملات تلقيح، بل أيضًا إلى طمأنة وتوضيحات مباشرة من الجهات المسؤولة. أين كان وزير الصحة الجديد عندما تفاقم الوضع؟ ولماذا لم يُقدم على شرح خطط الوزارة للسيطرة على الوباء في ندوة صحفية أو بيان رسمي؟
تصريحات بايتاس تعكس واقعًا مريرًا: الحكومة تلقي اللوم على الشعب بدلًا من تحمل مسؤوليتها في ضمان شفافية المعلومات وإيصال الرسائل التوعوية بطريقة فعالة. إذا كانت الإشاعات سببًا في انتشار المرض، فمن يتحمل مسؤولية انتشار هذه الإشاعات؟ أليس غياب التوضيحات الرسمية والتواصل المستمر من طرف وزارة الصحة هو ما يفتح الباب أمام المعلومات المضللة؟
المواطنون بحاجة إلى رؤية واضحة واستراتيجية فعالة لمواجهة هذا الوباء. ما لم يتحرك وزير الصحة لتوضيح الوضع وتقديم إجابات شافية، فإن الثقة في الجهود الحكومية ستستمر في التآكل، وسيبقى المواطن عالقًا بين إشاعات لا تنتهي وتجاهل رسمي يثير المزيد من التساؤلات.