بقلم نجيبة جلال
في تصريحات مثيرة خلال ندوة صحفية بسلا، سلط مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، الشرقاوي حبوب، الضوء على تحدٍّ جديد يواجه الأمن المغربي في إطار محاربة الإرهاب، والمتمثل في ظاهرة “الاستقطاب الأسري” الذي أصبح يشكل رافدًا جارفًا للتطرف، مما يعزز مخاطر تجنيد الشباب في صفوف الجماعات الإرهابية.
الخلية المفككة حديثًا بمنطقة حد السوالم تبرز خطورة هذه الظاهرة، حيث لا تقتصر تهديداتها على العمليات الإرهابية المخطط لها فحسب، بل تبرز فيها أيضًا سمة تنامي الاستقطاب الأسري، إذ يتحول أفراد الأسرة إلى أداة لتجنيد وتغذية الفكر المتطرف. ما يجعل هذا التهديد أكبر هو قدرة بعض الأفراد على استغلال سلطتهم المعنوية داخل الأسرة لتحويلها إلى حاضنة للأيديولوجيات المتطرفة، كما حدث في حالة “الأشقاء الثلاثة” الذين كانوا يشكلون الخلية الإرهابية المفككة، حيث ساهم الشقيق الأكبر في تحويل أسرته الصغيرة إلى جبهة لتجنيد المتطرفين لصالح مشروعه الإرهابي.
هذه الظاهرة لا تقتصر على الأفراد فقط، بل تخلق تهديدات أوسع تتعلق بالاستقرار الاجتماعي والأمني، حيث تؤدي إلى تشكيل جيوب مقاومة للأعراف والتقاليد المغربية، إضافة إلى تهديد وحدة المجتمع والعقيدة.
وقد أعرب الشرقاوي حبوب عن أسفه كون هذا النوع من “الاستقطاب الأسري” لم يكن معروفًا بشكل كبير في الماضي داخل المجتمع المغربي، الذي كان يعتبر الأسرة حصنًا ضد الأفكار المتطرفة.
مما يعزز خطورة هذا التهديد هو ما أظهرته التحقيقات، التي رصدت حالات مماثلة في الماضي، مثل الخلية النسائية التي تم تفكيكها في أكتوبر 2016، والتي تبين أن أغلب أعضائها قد تأثروا بالفكر “الداعشي” من خلال محيطهم العائلي. وهذا يبرز ارتباط التنظيمات الإرهابية، خاصة “داعش”، بمحاولة استغلال العلاقات الأسرية لتجنيد الأفراد وإرسالهم إلى بؤر التوتر.
في هذا السياق، يبقى “الاستقطاب الأسري” خطرًا متزايدًا يتطلب يقظة مستمرة، من أجل الحفاظ على الأمن الداخلي والمجتمعي في مواجهة هذا التحدي الجديد.