لم يكن هشام جيراندو سوى قائد شبكة إجرامية عائلية احترفت الابتزاز والتشهير، متسترة خلف شعارات زائفة لمحاربة الفساد. لقد بنى لنفسه صورة المصلح النزيه، بينما كان يدير من كندا عمليات منظمة تمتد خيوطها إلى المغرب، مستخدمًا أقرباءه، بمن فيهم قاصرون، كأدوات في مخططاته المشبوهة.
الرواية التي روّج لها بشأن قضية ابنة شقيقته لم تكن سوى واجهة زائفة تخفي حقيقة أثبتتها التحقيقات، فالقاصر لم تُتابع لمجرد شرائها شريحة هاتف، بل لأن الأدلة القاطعة أكدت ضلوعها في عمليات نصب إلكتروني، مما دفع قاضية الأحداث إلى إيداعها بمؤسسة لرعاية الطفولة، في حين واصل جيراندو تضليل الرأي العام بمزاعم مغلوطة، متحالفًا مع أصوات مشبوهة من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ومناضلي الفيسبوك، الذين لم يجرؤوا حتى الآن على الاعتذار عن تضليلهم.
التحقيقات كشفت خيوط شبكة مترامية الأطراف يديرها جيراندو، حيث لم يكتفِ بتجنيد ابن شقيقته البالغ من العمر 22 عامًا، بل استعمله كواجهة لاستلام تحويلات مالية مشبوهة، بعضها صادر عن أشخاص يُشتبه في كونهم ضحايا وقعوا في شرك التهديدات المنظمة. ولم يكن ذلك سوى جزء من منظومة أكبر، حيث تم ضبط عدد كبير من شرائح الهاتف في منزل العائلة، وهي الأدوات التي استُخدمت لتفعيل حسابات مجهولة، تُدار من كندا بغرض التشهير والابتزاز.
جيراندو لم يقتصر على استغلال نفوذه المزعوم في عالم الابتزاز الرقمي، بل سعى للتأثير على القضاء المغربي بطرق خسيسة، مستخدمًا أدواته الإعلامية لخلق ضغط على مسار قضايا حساسة، لصالح مقربين منه تورطوا في فضائح أخلاقية وقانونية. الأدهى من ذلك، أنه سعى للحصول على امتيازات غير مشروعة بطرق لا تخلو من الابتزاز، حتى وصل به الأمر إلى محاولة تسهيل قبول ابنة شقيقته الكبرى في كلية الطب عبر الاستعانة بمجرم هارب من العدالة، في تحدٍّ سافر لكل معايير النزاهة والاستحقاق.
لكن أخطر ما كشفته التحقيقات هو العلاقة المريبة بين جيراندو وشبكات تهريب المخدرات، حيث أظهرت شهادات موثقة أن الرجل لم يكن مجرد مبتز، بل كان يفرض “إتاوات” على تجار المخدرات لحذف الفيديوهات التشهيرية، مستغلًا سلطته الوهمية لجني الأموال عبر التهديد. إحدى زوجات المعتقلين في قضايا المخدرات كانت ضمن من أُجبروا على تحويل مبالغ مالية إلى حسابه في تركيا، وهو ما يفتح الباب على مصراعيه أمام فرضية غسيل الأموال وتمويل أنشطة غير مشروعة.
اليوم، وبينما تتواصل التحقيقات لكشف مزيد من الخبايا، يبدو واضحًا أن هشام جيراندو لم يكن سوى نموذج فجّ لمجرم محترف في ثوب “الحقوقي”. سقطت الأقنعة، وانكشف المستور، وما كان يحاول أن يخفيه خلف شعاراته الرنانة لم يعد قابلًا للتستر. المعركة لم تنتهِ بعد، والمزيد من التفاصيل الصادمة على وشك أن تُكشف، لتفضح الوجه الحقيقي لهذا الرجل الذي حاول أن يجعل من الابتزاز والتشهير تجارة عابرة للحدود.