اكسبريس تيفي : باحدة عبد الرزاق
كلما حلت أزمة من الازمات بالجارة الشرقية للمملكة إلا وكانت المبررات جاهزة عند المسؤولين، وذلك في اطار الاختباء خلف نظرية المؤامرة والعدو الخارجي أو “العدو الكلاسيكي” كما يسميه كبيرهم الذي علمهم سياسة التلفيق الجنيرال شنقريحة، هذا العدو الوهمي هو المغرب أو المخزن والذي بلغ في اعتقادهم من القوة ما يمكنه من التحكم في الظواهر الطبيعية في بلدهم، كيف لا ووزير المياه الجزائري اتهم المغرب علنا بالوقوف وراء الجفاف المتفاقم في بلاده، والذي أصبح مثيرا للقلق بشكل متزايد، وذلك على هامش المنتدى الدولي العاشر للمياه، الذي نظم في بالي بإيطاليا في نهاية الشهر المنصرم.
تصريحات وان كانت بهدف التغطية عن الفشل الذريع للنظام الجزائري في تدبيره لأزمة الجفاف التي تعاني منها منطقة شمال افريقيا للسنة السادسة على التوالي بفعل ظاهرة الاحتباس الحراري، الا أن جينرالات الجارة الشرقية يتابعون سياسة بناء السدود التي تنهجها المملكة في المناطق الشرقية، مستفيدة من الثروة المائية المحلية خصوصا الانهار التي تعبر من المغرب الى الجزائر، والتي كانت تعتمد عليها هذه الاخيرة لسد الخصاص المائي في ولاياتها الغربية، لكن غياب البعد الاستراتيجي لدى حكام الجزائر وعدائهم المفرط للمغرب وقطع العلاقات بغرض فرملة المسيرة التنموية التابثة والسريعة التي يقودها المغرب جعل السحر ينقلب على الساحر ويكبدهم خسائر وصلت الى حد ثورة الشعب ضد النظام في ولاية تيارت.
وتعليقا على الموضوع، قال أستاذ علم المناخ بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، محمد سعيد كروك، لـ“جون أفريك”، إن قوة المغرب تكمن في أن “موارده المائية تنبع من ترابه”. بمعنى آخر، لا يوجد أي أنهار أو وديان منبعها خارج حدود المملكة، وهي ميزة قوية يتمتع بها المغرب، في حين أن ظاهرة الاحتباس الحراري تساهم في ندرة الذهب الأزرق، وهي معضلة ليس المغرب في مأمن عنها، وتضيف المجلة الفرنسية إنه بالرغم من الوضع الإيجابي الذي تتمتع به المملكة المغربية بسبب جغرافيتها وتضاريسها وتوزيع أحواضها، فإن الجزائر ستتأثر بالسلوك المغربي في المنطقة العابرة للحدود، حيث يمكن لببناء سدود عند المنبع من طرف المغرب أن يؤثر منطقيا على تدفق الأنهار التي تعبر الجزائر، وفق تصريح الخبير في ديبلوماسية المياه الدكتور فادي قمير.
ويضيف ذات المصدر، أن هذه ليست حالة استثنائية، لأن البلدان التي تتقاسم أحواض الأنهار غالبا ما تكون مترابطة من حيث المياه، لكن “القوانين الدولية في صالح المغرب وليس العكس”، على حد تعبير الأستاذ محمد سعيد كروك. وفي هذين التحليلين، يجب علينا أيضا دمج الواقع السياسي، خصوصا عندما قررت الجزائر، منذ غشت 2021، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، وسحب سفيرها بالرباط، مشيرة آنذاك إلى أن قطع العلاقات مع المغرب لا يعني تضرر المواطنين الجزائريين والمغاربة المقيمين في البلدين، إذ ستمارس القنصليات دورها المعتاد، لكن على ما يبدوا أن أول المتضررين هم الشعب الجزائري الشقيق الذي يعاني اليوم من أزمة العطش، بسبب حسابات سياسية متعلقة بقضية خاسرة تراهن عليها الجزائر بثرواتها وخيرات بلدها وراحة وأمن شعبها.