ربع قرن من الوطنية والاعتزاز.. الملك محمد السادس قدوة في حب الوطن

ربع قرن من الوطنية والاعتزاز.. الملك محمد السادس قدوة في حب الوطن

- ‎فيسياسة, واجهة
img 1722198146281
إكسبريس تيفي

باحدة عبد الرزاق 

مع مرور ربع قرن على اعتلاء جلالة الملك محمد السادس نصره الله عرش اسلافه الميامين، يتجلى بوضوح تام حب الملك العميق لوطنه واعتزازه الشديد بمغربيته. فمنذ توليه الحكم، جعل الملك من نفسه قدوة حية في الوطنية، داعيًا المغاربة باستمرار إلى الاعتزاز بهويتهم وبلدهم، ومجسدًا هذه القيم في كل خطواته وقراراته.

لقد برز هذا الاعتزاز بالوطن جليًا في العديد من خطابات جلالته على مر السنين، وكان من أبرزها خطابه لافتتاح الدورة البرلمانية عام 2014، حيث صرح بكل فخر أن “أغلى إحساس في حياته هو اعتزازه بمغربيته”. هذا التصريح لم يكن مجرد كلمات عابرة، بل كان تعبيرًا صادقًا عن عمق ارتباط الملك بوطنه وهويته المغربية الأصيلة. وفي نفس الخطاب، دعا الملك البرلمانيين إلى أن يعبروا عن هذا الاعتزاز بالوطن، وأن يجسدوه كل يوم في عملهم وخطاباتهم، وحتى في بيوتهم، مؤكدًا أن الوطنية ليست شعارًا يُرفع، بل ممارسة يومية وسلوك مستمر.

malik

وفي تعميقه لمفهوم حب الوطن، أوضح الملك محمد السادس أن هذا الشعور النبيل لا يُشترى ولا يُباع، ولا يسقط من السماء. إنه إحساس نابع من القلب، يكبر مع المواطن ويعمق إيمانه وارتباطه بوطنه. وأكد جلالته أن أساس هذا الشعور هو التربية الحسنة على حب الوطن ومكارم الأخلاق. هذا الفهم العميق لجوهر الوطنية يعكس رؤية الملك الشاملة للعلاقة بين المواطن ووطنه، وهي علاقة تتجاوز المفاهيم السطحية لتصل إلى جوهر الانتماء والولاء.

ومن الجدير بالذكر أن الملك حرص على التأكيد أن الاعتزاز بالوطن لا يعني الانغلاق على الذات أو التعالي على الآخر. بل على العكس، أشار إلى أن المغاربة معروفون بانفتاحهم وتفاعلهم الإيجابي مع مختلف الشعوب والحضارات. وهذا التوازن بين الاعتزاز بالهوية والانفتاح على العالم يمثل نهجًا حكيمًا يتبناه الملك، يسعى من خلاله إلى الحفاظ على الأصالة المغربية مع الاستفادة من التجارب العالمية والتفاعل الإيجابي مع الثقافات الأخرى.

med6

وفي سياق ربطه بين الوطنية والتنمية، يؤكد الملك محمد السادس نصره الله أن تعزيز الشعور بالاعتزاز الوطني يتطلب الكثير من الجهد والعمل المتواصل. فهو يرى أن الوطنية الحقيقية تتجلى في العمل الجاد لتوفير ظروف العيش الكريم لجميع المواطنين، وتمكينهم من حقوق المواطنة الكاملة. وفي المقابل، يشدد على ضرورة قيام المواطنين بواجباتهم تجاه الوطن، مؤكدًا أن الوطنية هي علاقة متبادلة بين الوطن ومواطنيه.

وفي خطابه بمناسبة عيد العرش عام 2023، عمق الملك هذا المفهوم بتركيزه على أهمية الجدية في العمل كتعبير أساسي عن الوطنية. وقد استشهد بإنجازات المنتخب الوطني المغربي في كأس العالم كمثال ساطع على ما يمكن تحقيقه عندما يجتمع الشباب المغربي مع الجدية وروح الوطنية. هذا المثال لم يكن مجرد إشادة بإنجاز رياضي، بل كان دعوة ملكية للشباب المغربي لاستلهام هذه الروح في جميع مجالات الحياة والعمل.

احتفال جلالة الملك بانجاز المنتخب الوطني في كأس العالم قطر
احتفال جلالة الملك بانجاز المنتخب الوطني في كأس العالم قطر

إن وطنية الملك محمد السادس تتجلى أيضًا بشكل واضح في موقفه الثابت والراسخ من قضية الوحدة الترابية للمغرب. فهو يؤكد باستمرار على أهمية الجدية والمشروعية في التعامل مع هذه القضية الوطنية الحساسة، مما أسهم في زيادة الاعتراف الدولي بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية. هذا الموقف يعكس التزام الملك العميق بالدفاع عن مصالح الوطن وسيادته، ويمثل نموذجًا للوطنية التي تتجاوز الشعارات إلى الأفعال والمواقف الحازمة.

وفي ذات الوقت، يحرص الملك على ربط الوطنية بالقيم الإنسانية والالتزامات الدولية. فهو يؤكد دائمًا على موقف المغرب الثابت تجاه القضية الفلسطينية، ودعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. هذا الموقف يبرز أن الوطنية في نظر الملك لا تتعارض مع التضامن مع قضايا الشعوب الأخرى، بل تتكامل معها في إطار رؤية إنسانية شاملة.

لقد جعل الملك محمد السادس من الجدية مذهبًا في الحياة والعمل، داعيًا إلى تطبيقها في جميع المجالات: السياسية والإدارية والقضائية والاجتماعية والاقتصادية. وهو يرى أن هذه الجدية هي التعبير العملي عن الوطنية، حيث تتجلى في خدمة المواطن، واختيار الكفاءات المؤهلة، وتغليب المصالح العليا للوطن والمواطنين على الحسابات الضيقة والمصالح الشخصية.

على مدى ربع قرن، قدم الملك محمد السادس نموذجًا فريدًا في الوطنية والاعتزاز بالهوية المغربية. فمن خلال خطاباته وأفعاله، يواصل الملك تشجيع المغاربة على التمسك بهويتهم والعمل بجد لرفعة وطنهم. إن هذا النهج الوطني الراسخ يشكل ركيزة أساسية في قيادة الملك للمغرب نحو مستقبل أكثر إشراقًا وازدهارًا.

image 2024 07 28 150447745

إن الرسالة التي يوجهها الملك محمد السادس للمغاربة هي رسالة واضحة: الوطنية ليست مجرد شعور عاطفي، بل هي التزام عملي يتجلى في العمل الجاد، والإخلاص للوطن، والاعتزاز بالهوية المغربية. وهو بذلك يرسم خارطة طريق لمستقبل المغرب، مستقبل يقوم على أساس متين من الوطنية الصادقة والعمل الدؤوب من أجل رفعة الوطن وازدهاره.

يمكن القول إن وطنية الملك محمد السادس واعتزازه بمغربيته قد شكلت على مدى ربع قرن محورًا أساسيًا في قيادته للمملكة المغربية. فهي ليست مجرد شعارات يرددها، بل هي نهج حياة ومنهج حكم، يتجلى في كل قراراته وتوجيهاته. وبهذا النهج، يستمر الملك في إلهام المغاربة وحثهم على التمسك بهويتهم والعمل من أجل وطنهم، مرسخًا بذلك أسس دولة قوية، معتزة بماضيها، وواثقة من حاضرها، ومتطلعة إلى مستقبل مشرق.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *