متابعة
رصدت مجلة “International Politics And Society” الصادرة عن مؤسسة “فريديريش إيبرت” الألمانية، ضمن تقرير لها، أبرز العوامل الجيو-سياسية التي ساهمت في تعزيز المملكة المغربية نفوذها في منطقة غرب إفريقيا، مسجلة أن المغرب يعد ملاذا للاستقرار في المنطقة العربية بصرف النظر عن نزاعه المستمر مع الجزائر، ومشددة على أن “الرباط أصبحت حاليا الشريك الأمني الأكثر في أهمية في منطقة الساحل التي تعاني من العديد من الأزمات”.
وفي رصده أبرز العوامل التي ساهمت في التموقع المغربي في غرب إفريقيا أشار التقرير الذي كتبه مانويل جات، رئيس مكتب المؤسسة سالفة الذكر في المغرب، إلى النفوذ الديني المغربي المتزايد في هذا المجال الجغرافي الإفريقي، من خلال تدريب الأئمة الأفارقة ونشر الإسلام المعتدل؛ إضافة إلى اتفاقيات التعاون الأمني والعسكري والدبلوماسية الاقتصادية المغربية في هذه المنطقة.
وبين المصدر ذاته أن “انسحاب القوات الفرنسية من مالي وبوركينافاسو والنيجر بسبب صعود قوى مناهضة لباريس في هذه الدول خلف فراغا أمنيا في هذه المنطقة، فيما ساهمت الخبرة المغربية في مكافحة الإرهاب وتدريب العسكريين الأفارقة في مدارس المغرب وأكاديمياته العسكرية في ملء هذا الفراغ، وفي تنامي نفوذ المملكة في منطقة الساحل، وأعطاها بعدا يتجاوز نفوذ القوى الاستعمارية السابقة”.
وسجل التقرير أن “الأنظمة العسكرية الجديدة في مالي وبوركينافاسو والنيجر تبحث عن شركاء إقليميين موثوقين لتعزيز موقفها؛ فبينما نظر العالم بقلق إلى الحكام الجدد رحب بهم المغرب”، مشيرا في هذا الصدد إلى كون السفير المغربي في مالي أول دبلوماسي يتصل بالحكام الجدد في هذا البلد، وبدوره أجرى رئيس وزراء النيجر الجديد أولى زياراته الخارجية إلى الرباط.
وفي سياق مماثل أوضح المصدر ذاته أن “العقوبات الاقتصادية والسياسية التي فرضتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا على مالي وبوركينافاسو والنيجر فرضت عزلة اقتصادية على هذه الدول التي قررت الانسحاب من هذه المجموعة، وهو ما استغله المغرب الذي طرح مبادرة أطلسية لفائدة دول الساحل بوضع بناه التحتية تحت تصرفها”.
في الصدد ذاته أكدت مجلة “International Politics And Society” أن “المغرب يعول على ميناء الداخلة الأطلسي كنواة اقتصادية إقليمية جديدة يمكن أن تشكل بوابة للعالم على غرب إفريقيا، وهذا من شأنه أن يعزز مطالبات البلد بالسيادة على الصحراء”، وبينت أن “المغرب رغم أنه لم يكن أبدا عضوا في مجموعة دول الساحل الخمس، التي أسستها كل من موريتانيا ومالي والنيجر وبوركينافاسو وتشاد في عام 2014، إلا أنه لعب دور الشريك المتميز مع هذه الدول من خلال الاتفاقيات الأمنية والعسكرية”، مشددة على أن “المغرب يتميز بامتياز أكبر للوصول والتواصل مع الحكام الجدد على الأرض، وله تأثير حقيقي من خلال أجهزته الأمنية”.